في الليل فقال:"يرحمه الله، لقد ذكرني آية كنت أنسيتها"، وفي لفظ:"كنت أسقطتها"، يعني: ـسقطها نسيانه، وإنما قال: في الآية: "أنسيتها" ولم يقل: "نسيتها"؛ لأن هذا لا ينبغي في الآية إذا أنسيتها أن تقول: نسيتها، ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، وإنما يقول نسيت". كلمة "نسيت" تدل على أن هناك شيئًا من الإهمال، فقال:"بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كذا وكذا"، لكن في الأفعال يصلح أن تقول: نسيت أن أسجد، نسيت أن أركع، وما أشبه ذلك، ولهذا لما وقع من النبي (صلى الله عليه وسلم) أن سلم قبل أن يتم صلاته قال: "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني"، والمهم: أن السهو في الصلاة وهو الذهول عن بعض ما يجب فيها أو عن فعل ما يحرم فيها بحيث يفعله هذا أمر طبيعي جبلي؛ كل البشر ينسون.
ذكر المؤلف (رحمه الله) في باب سجود السهو حديث:
[صفة سجود السهو]
٣١٦ - عن عبيد الله ابن بحينة (رضي الله عنه)"أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس، وسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم". أخرجه السعة، وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية المسلم:"يكبر في كل سجدة وهو جالس ويسجد ويسجد الناس معه مكان ما نسى من الجلوس".
*فائدة لغوية:
بحينة اسم أمه، واسم أبيه مالك، فهو عبد الله بن مالك ابن بحينة. كيف أحرك "ابن": بالجر، أو بالرفع؟ فهو عبد الله بن مالك ابن بحينة، وقد ذكر العلماء في هذه المسألة -من باب الفائدة- أنه إذا كان الاسم الثالث اسم الجد، فإن كلمة "ابن" الثانية تكون في الإعراب تابعة لما أضيفت إليه "ابن" الأولى، وأيضًا إذا كان مضافًا إلى اسم الجد، فإن الاسم الذي قبله لا ينون، وأيضًا فإنه تكتب الهمزة في "ابن" بين الاسم الأول الذي أضيف إليه "ابن" وبين الاسم الثاني، فهذه ثلاثة فروق، مثلًا: إذا قلنا: "عبد الله بن عباس بن عبد المطلب" لكن "عبد الله بن مالك ابن بحينة" نقول: "عبد الله بن مالك ابن بحينة" ننون "مالك"، ونجعل "ابن" تابع للاسم الأول، ونفصل بينهما بالهمزة.