للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أخذ الجزية من المجوس]

١٢٥٦ - عن عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أخذها- يعني: الجزية- من مجوس هجر". رواه البخاريُّ. وله طريق في الموطَّأ فيها انقطاع.

قوله: "أخذها" يعني: الجزية، "من مجوس هجر"، والمجوس: قوم وثنيون يعبدون النار ومنهم طائفة تسمي الثنوية وهم الَّذين يقولون بأن العالم له خالقان: ظلمة ونور الظلمة تخلق الشر والنور يخلق الخير، ومع ذلك فهم لا يقولون بتكافؤ الظلمة والنور بل يقولون: إن النور خير وأفضل لكن لا يمكن أن ننسب إليه الشر وهو نور بل نقول: لك الخير والظلمة لها الشر وإلا فالنور عندهم أكمل من الظلمة وأيضًا هو يخلق الخير والظلمة تخلق الشر وأيضًا هو قديم والظلمة لهم فيه قولان: هل هي محدثة أو قديمة؟

فعلى كل حال: لا تكافؤ بين إلهين عندهم إلا أنهم يقولون: نحن ننزه إله الخير عن الشر، المهم أن المجوس الأصل فيهم عبادة النار أخذها النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من مجوس هجر وهجر: هي الناحية الَّتي تقع جنوبًا في المملكة العربية السعودية وهي الإحساء وما حولها هذه المقاطعة كان يسكنها المجوس لأنها تابعة للفرس، فكان الَّذي فيها مجوسًا أخذ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الجزية منهم وأبقاهم على ما هم عليه والتزم-عليه الصَّلاة والسَّلام- بالأحكام الَّتي تلزم لهم.

ففي هذا الحديث: دليل على جواز أخذ الجزية من المجوس.

فإن قال قائل: هذا الحديث فيه أنه أخذها من مجوس هجر.

قلنا: لا فرق بين مجوس هجر ومجوس غيرها والمكان لا يختص بالأحكام إلا لسبب بين واضح بين واضح.

فإن قال قائل: أليس الله يقول: {قاتلوا الَّذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرّمون ما حرمَّ الله ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الَّذين أوتوا الكتاب} [التوبة: ٢٩]. وهم اليهود والنصارى {حتَّى يعطوا الجزية} فالآية خصت اليهود والنصارى وعموم الآيات الدالة على وجوب قتال الكفار تكون عامة وقد سبق آنفًا أن المخصص يقتصر فيه على ما ورد به التخصيص فقط؟

قلنا في الجواب عن هذا: السنة دليل إلهي كما أن القرآن دليل إلهي ومن فرق بينهما فقد كفر بالقرآن والسنة لأن الله تعالى يقول: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة} ويقول- جل

<<  <  ج: ص:  >  >>