[حكم صلاة المسافر على الراحلة]
٢٠٤ - وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي راحلته حيث توجهت به». متفق عليه. زاد البخاري: «يومئ برأسه, ولم يكن يصنعه في المكتوبة».
يقول عامر: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .... إلخ». والرؤية هنا رؤية عين, وليست رؤية قلب, وقوله: «يصلي على راحلته»؛ أيك مركوبه, يحتمل أن يكون على حمار, وأن يكون على بعير, «حيث توجهت» (حيث) ظرف زمان لكنها هنا للمكان, «حيث توجهت» يعني: إلى أي مكان توجهت.
وزاد البخاري: «يومئ برأسه» يعني: عند الركوع والسجود, ولم يبين كيف الإيمان, ولكن الأحاديث الأخرى بينت أنه يجعل السجود أكثر من الركوع؛ لأن هذا هو الواقع أن السجود يقع الإنسان على الأرض, والركوع يكون على ركبتيه, «ولم يكن يصنعه» أي: يصلي على الراحلة, «في المكتوبة» أي: في الفريضة.
ففي هذا الحديث: دليل على أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم حجة؛ لأن عامر بن ربيعة إنما ذكره للاستدلال به.
ومن فوائده: أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مخصص للدليل القولي, أين الدليل القولي؟ {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: ١٤٩]. وهذا الدليل فعلي؛ إذن نأخذ قاعدة أصولية فقهية: أن الدليل الفعلي مخصص للدليل القولي.
ومن فوائدها هذا الحديث: جواز الصلاة على الراحلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يفعل شيئًا محرمًا لأنه مشرع؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم أقوى الناس ورعًا فلا يمكن أن يفعل شيئًا محرمًا, إذن فيستفاد منه: جواز الصلاة على الراحلة.
ومن فوائد هذا الحديث: طهارة الحمار, والبغل, والفرس, والبعير, وهذه قد ينازع فيها من ينازع, إلا لو صرح عامر بأنه على حمار, لكن قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يركب الحمار كما في حديث معاذ, قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال: «ما تدري ما حق الله على العباد, وما حق العباد على الله».
وهذا يدل على طهارة الحمار, لأن الحمار لا يخلو من عرق, لا سيما في أيام الصيف, وفي المسافات الطويلة, وفي عجلة السير, فإنه لابد أن يعرق ولابد أن يصيب العرق الراكب, وفي