وعلا-: {مَّن يُطع الَّرسول فقد أطاع الله}[النساء: ٨٠]. ويقول:{ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضللاً مُّبينًا}[الأحزاب: ٢٦]. وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي بأحكام غير الَّتي في القرآن؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن للرسول ميزة على غيره من الخلق، لو قلنا: إن معصية الرسول هي معصية الله لكان الَّذي يأتي بعد الرسول وينهي عن معصية الله ثمَّ يعصى لا فرق بينه وبين الرسول كذلك أيضًا من يطع الرسول فقد أطاع الله لو قلنا: إن طاعة الرسول في أمر قد أمر الله به لم يكن بينه وبين غيره؛ إذ إن من أمر بأمر أمر الله به فإنه يطاع، وحينئذٍ لا يكون للرسول صلى الله عليه وسلم ميزة فتبين بهذا أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن في القرآن فإنه من القرآن بمعنى: أنه حكم شرعي تجب طاعته وعلى هذا فنقول: ثبت أخذ الجزية من اليهود والنصارى بالقرآن وثبت أخذها من المجوس بالسنة.
بقي: هل تؤخذ من غيرهم؟ في هذا خلاف بين العلماء؛ منهم من يقول: الأصل وجوب مقاتلة الكفار حتَّى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فلا نخصص منها إلا ما جاء به التفصيل فقط اليهود والنصارى بالقرآن، والمجوس بالسنة، لكن هناك حديث رواه بريدة ابن الحصيب رواه مسلم أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول حين يرسل جيشًا أو سرية:" إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أوخلال". وذكر منها الجزية، فصرح:"إذا لقيت عدوك من لمشركين"، وهذا عام في كل مشرك، وهذا القول هو الراجح أن الجزية تؤخذ من كل كافر بدلاً عن الكف عنه وعن حمايته أيضًا وإعطائه حقه.
من فوائد الحديث: جواز أخذ الجزية من المجوس؛ لأن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أخذها منهم.
ومنها: أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر شرعًا؛ لأن العلماء استدلوا بهذا الحديث على جواز أخذ الجزية من المجوس.
[أخذ الجزية من العرب]
١٢٥٧ - وعن عاصم بن عمر، عن أنسٍ، وعن عثمان بن أبي سليمان رضي الله عنه:"أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلي أكيدر دومة الجندل، فأخذوه، فأتوا به، فحقن دمه، وصالحه على الجزية". رواه أبو داود.
"دومة الجندل" معروفة تقع هنا شمالاً غربًأ أرسل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الأكيدر فجاءوا به فحقن دمه وصالحه-لأنه كان أمير قومه- على الجزية، وهو ليس من أهل الكتاب ولا مجوسيًا، ولكنه كان مشركًا.