للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو حملنا أنها على الدوام دائما لكان هذا تناقضا لكنها في الغالب، "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد"، وسبق أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بثلثي مد فجعل يدلك ذراعيه، وإن كان ضعيفا.

والمد: هو ربع الصاع، أي: ربع صاع النبي صلى الله عليه وسلم، والمصطلح عليه عندنا هنا: أن المد ثلث الصاع، وقوله: يغسله بالصاع، وهو أربعة أمداد وهو كما ذكرنا لكم سابقا، ينقص عن الصاع الموجود عندنا الخمس، ويزبد عليه صاعنا الربع، إذن إذا نسيت زيادة الصاع عندنا على صاع النبي صلى الله عليه وسلم تقول: يزيد عليه الربع؛ لأن ذاك ثمانون وهذا مائة وعشرون، وإذا قلت: ينقص صاع النبي صلى الله عليه وسلم عن صاعنا، نقول: الخمس يعني عشرين من مائة، وأكثر إلى خمسة أمداد، فيكون صاعا ومدا؛ وهذا هو الأكثر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمد ويغتسل بالصاع، فيؤخذ من هذا الاقتصاد في استعمال الماء؛ لأن هذا لا شك أنه قليل.

ومن فوائده أيضا: أنه ينبغي للإنسان أن يكون مقتصدا في العبادة، لا يزيد عليها لا كمية ولا كيفية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الكمية - لما توضأ ثلاثا- قال: "من زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم".

ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي أن نقتدي بالرسول - عليه الصلاة والسلام- في هذا، ولهذا قال العلماء: يسن أن يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، وهذا ممكن إذا كان الإنسان يغترف من إناء، يعني: ممكن أن يتوضأ بهذا القدر، لكن إذا كان يصب عليه من المواسير فإن ذلك لا يمكن، ولا يمكن انضباطه.

[أذكار الوضوء]

٥٢ - وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد يتوضأ، فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء". أخرجه مسلم، والترمذي، وزاد: "اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين".

"ما منكم من أحد" لها نظير في القرآن الكريم - في التركيب هذا- وهو قوله تعالى: {فما منكم من أحد عنه حجزين} [الحاقة: ٤٧]. فإعرابها أن (ما) نافية، و (منكم) خبر مقدم و (من أحد) مبتدأ

<<  <  ج: ص:  >  >>