للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤخر، لكن المبتدأ هنا اقترن ب (من) الزائدة لتوكيد العموم، وإنما قلنا: لتوكيد العموم؛ لأن (أحد) نكرة جاءت في سياق النفي وهي تفيد العموم، يعني: ما من إنسان منكم، والخطاب للصحابة، لكن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة خطاب لجميع الأمة.

"ما منكم من أحد يتوضأ" صفة لأحد "فيسبغ الوضوء" أي يتمه كما وكيفا، "ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" ثم يقول إذا انتهى من الوضوء: "أشهد أن لا إله إلا الله"، "أشهد" بمعنى: أنطق بلساني معترفا به في قلبي كأنما أشاهده رأي العين.

وقوله: "أن لا إله إلا الله" أسمع بعض الناس ينطق بها فيقول: "أشهد أن لا إله إلا الله"، وهذا لحن فاحش؛ لأن "أن" المشددة لا يجوز أن يكون اسمها ضمير الشأن محذوفا، وإنما هي "أن" المخففة، وعلى هذا فنقول: "أن لا إله" وليس: "أن لا إله"، "أن لا إله إلا الله"، وضمير الشأن نا محذوف هو اسمها، و "لا إله إلا الله" الجملة خبرها، وقوله: "لا إله إلا الله" (إله) بمعنى: مألوه، والمألوه هو: المعبود تألها ومحبة وتعظيما، وقوله: "إلا الله" لا يصح أن نعرب (الله) خبر "لا"؛ لأن لفظ الجلالة معرفة، بل يقول النحويون أنه أعرف المعارف، و (لا) النافية للجنس لا تعمل إلا في النكرات، وعلى هذا فلا يصح أن نعرب (الله) على أنه خبرها؛ لأنه من شرطها أن تعمل في النكرات.

إذن أين الحبر؟ الخبر محذوف قدره بعضهم: "لا إله موجود"، وهذا التقدير لا يصح، لماذا؟ لأنه موجود آلهة غير الله، قال الله - تبارك وتعالى-: {فما أغنت عنهم ءالهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك} [هود: ١٠١]. وقال تعالى: {ولا تجعل مع الله إلها ءاخر} [الإسراء: ٣٩].

فالآلهة موجود، وقال تعالى في ذكر بطلان آلهة المشركين: {إن هي إلا أسماء سميتموها} [النجم: ٢٣]. فهم يسمونها آلهة لكن هل هي آلهة في الحق؟ لا.

وعليه فنقول: من قدر (لا إله موجود)؛ فإنه غلط فاحشا من وجهين:

الوجه الأول: أن الواقع يكذبه؛ لأنه توجد آلهة سوى الله.

الوجه الثاني: لا يوجد إله إلا الله لزم أن تكون هذه الآلهة هي الله وهذا خطأ فاحش.

إذن ما الذي نقدر؟ نقدر ما دل عليه القرآن {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه البطل} [لقمان: ٣٠]. فنقدر "حق" وهو أحسن من تقديرنا "بحق"؛ لأننا إذا قدرنا "بحق" لزم أن تكون "بحق" جار ومجرور متعلق بمحذوف، والتقدير: لا إله كائن بحق إلا الله، ومتى أمكن عدم الإضمار فهو أولى، لاسيما أن عدم الإضمار فيه مطابقة للقرآن {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه البطل} [لقمان: ٣٠]. وعلى هذا نقدر: لا إله حق إلا الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>