نقول: هو بين، نقول:"لا رجل قائم إلا زيد" يمكن أو لا يمكن؟ يمكن، فنقول:"رجل" اسمها، و "قائم" خبرها، وعليه فنقول:"الله" لفظ الجلالة يكون بدلا من الخبر المحذوف، والبدل له حكم المبدل فعلى هذا يكون المعنى: أنه لا يوجد إله حق إلا الله عز وجل، وهذا هو المتعين.
"لا إله إلا الله وحده لا شريك له"، "إلا الله وحده" توكيد للإثبات أو للنفي؟ توكيد للإثبات، "لا شريك له" توكيد للنفي، وحق لهذه الكلمة بمعناها العظيم أن تؤكد بأن الله وحده هو الحق لا شريك له لا مشارك له في هذه الألوهية.
"وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" فنقول في "أشهد" مثل ما قلنا في "أشهد" الأولى، "وان محمدا" هنا أبقيت على ثقلها أو خففت؟ بقيت على ثقلها؛ لأنها تصح أن تدخل على الجملة الاسمية أشهد أن محمدا عبده ورسوله. "محمد" علم شائع في جنس الأعلام، فمن هو؟ هو محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي - صلوات الله وسلامه عليه- وإنما لم يقيد بوصف يبينه؛ لأنه قد ملأ القلوب علم يعرف أنه فلان، العلم ليس يعين الشخص نفسه لكن يعين المسمى به، وإذا كان المسمى به محمدا مثلا عشرة صار مبهما أو معينا؟ صار مبهما، لكن هذا لما كان معرفته في القلوب حالة لا يمكن أن ينصرف القلب لغيره أغنى عن ذكر الصفة الكاشفة وصار المراد ب"محمد": محمدا رسول الله الهاشمي القرشي صلوات الله وسلامه عليه، وحقق لنا ولكم اتباعه.
"عبده ورسوله" هذه عبودية من أخص أنواع العبودية؛ لأن العبودية أنواع:
عبودية عامة: وهي التعبد لله تعالى كونا، وهذا شامل لجميع الخلق كل الخلق يتعبدون لله كونا لا يمكن أن يخرجوا عن طاعته أبدا حتى الكافر وهو عبد لله، قال الله - تبارك وتعالى-: {إن كل من في السموت والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا}[مريم: ٩٣]. وهذه العبودية العامة لا يحمد عليها الإنسان؛ لأن الإنسان مسخر.
وعبودية خاصة: وهي التعبد لله بشرعه، هذه هي التي يحمد عليها الإنسان وهي مدار الثناء، العبودية لله بالشرع أقسام بعضها أخص من بعض، فعبودية الصالحين ليست كعبودية الأولياء؛ لأن عبودية الأولياء أخص، عبودية الأولياء ليست كعبودية الأنبياء، عبودية الأنبياء أخص، عبودية الأنبياء ليست كعبودية الرسل، عبودية الرسل أخص؛ لأنهم محملون إبلاغ الرسالة إلى عباد الله والجهاد عليها إذا أذن لهم في الجهاد.
وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالعبودية من أي الأنواع؟ من أخص الأخص، بل هو - عليه الصلاة والسلام- وإخوانه من أولي العزم هم أخص أنواع العبودية، ولذلك انظر إلى أعماله - عليه الصلاة والسلام- ماذا يصنع: ذكر، استغفار، صلاة صدقة، بذل، لا يوجد له نظير، حتى إنه - عليه الصلاة