للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: نعم، فيه مرفوع صريحًا ومرفوع حكمًا، فالمرفوع صريحًا هو الذي يضاف إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) نفسه بأن يقال: قال النبي، أو فعل النبي، أو رأي النبي (صلى الله عليه وسلم) كذا، أو سمع كذا فأقره، هذا يسمي مرفوعًا صريحًا، أما المرفوع حكمًا فهو: ما ثبت له حكم الرفع ولكنه لم يصرح برفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وله أمثلة كثيرة منها: إذا قال الصحابي: من السنة كذا، فهو مرفوع حكمًا؛ لأن الصحابي عاشر النبي (صلى الله عليه وسلم) وله أمثلة كثيرة منها: إذا قال الصحابي: من السنة كذا، فهو مرفوع حكمًا، لأن الصحابي عاشر النبي (صلى الله عليه وسلم) وسمع منه ورأي منه، فإذا قال: من السنة، فإنما يعني: سنة من شاهده وسمع منه - وهو الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأيضًا إنما يعني: من سنته تشريع، أما إذا قال التابعي: من السنة كذا، فقيل: إنه موقوف، لأن التابعين إنما يعنون بالسنة: ما سنة الصحابة، وقيل: إنه مرفوع مرسل كما لو نسب التابعي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) مرفوعًا صريحًا، فإنه يكون مرفوعًا مرسلاً، فإذا نسب إليه مرفوعًا حكمًا صار مرفوعًا حكمًا مرسلاً، وهو محل خلاف بين المحدثين.

المهم: أن هذا الحديث يدل على أن قراءة الفاتحة من السنة، أي: من سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الشاملة الواجب والمندوب، وقد دل الحديث على وجوبها.

[الدعاء للميت في صلاة الجنازة]

٥٣٩ - وعن عوف بن مالك (رضي الله عنه) قال: "صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على جنازة، فحفظت منه دعائه: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلاً خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة، وقه فتنه القبر وعذاب النار" رواه مسلم.

سبق أننا ذكرنا عن أهل اللغة أنهم إذا قالوا جنازة بالفتح فهي الميت، وإذا قالوا: جنازة فهي النعش عليه ميت وقوله: "حفظت من"، "من" للتبعيض وهو يدل على أن هناء دعاء آخر، هذه أدعية عظيمة جدًا، حتى قال عوف بن مالك (رضي الله عنه) - راوي الحديث- حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت لا تمنيًا للموت ولكن تمنيًا لهذا الدعاء، نرجع إلى قوله: "اللهم" يعين: يا الله، يقولون في توجيهها: حذفت ياء النداء تبركًا للبداءة بالاسم الكريم، وعوض عنها بالميم في الآخر ولم يختر من الحروف إلا الميم لدلالتها على الجمع، فكأن الداعي جمع قلبه ولسانه وقوله بالتوجه إلى الله فقال: اللهم، وقال ابن مالك:

والأكثر اللهم بالتعويض *** وشذ ياللهم في قريض

<<  <  ج: ص:  >  >>