(٩٣٣) - وَعَن ابن عُمَرَ (رضي الله عنهما) قَالَ: قَالَ رَسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ولا يخطب أحَدُكُمْ عَلَى خطبة أَخِيهِ، حَتَّى يَقُول الخاطب قَبْلَهُ، أوْ يَأْذَنَ لَهُ». مُتَفَقُ عَلَيهِ، وَاللّفظ للبخاري.
«لا يخطب»، وفي لفظ:«لا يخطب»، والفرق بينهما: أنه لو قال: «لا يخطب» بالسكون صارت «لا» ناهية، ولا الناهية تجزم الفعل، وأما على رواية:«لا يخطب» بالضم فـ «لا» نافية، والفرق بين النفي والنهي: أن النهي أمر طلب، أو بعبارة أصبح طلب الكف، وأما النفي «لا يخطب»، فإنه يدل على أنه ليس من شأن المؤمن أن يخطب على خطبة أخيه، ولهذا قال العلماء: إن الخبر في موضع الطلب أبلغ من الطلب المحض، كأنه يقول: إن هذا شيء مفروغ منه لا يمكن أن يقع، فإذن الخبر في موضع الطلب أبلغ من الطلب، لماذا؟ لأن الطلب قد يفعل وقد لا يفعل، أما إذا جاءت الجملة خبرية فكأن الأمر مفروغ منه أنه سيفعل، فمثلاً قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] أبلغ من قوله: «وليتربصن المطلقات»، لأن جملة يتربصن خبرية فهي أبلغ من أن تأتي بلفظ الطلب، لأن الطلب قد يفعل وقد لا يفعل، والجملة الخبرية تدل على الوقوع، وأن هذا أمر من شأنه أن يكون ولابد.
«لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه»، «خطبة»، بالكسر هي طلب الزواج من المرأة، وأما خطبة بالضم فهي الكلمة التي تُقال ويخطب بها، فبينهما فرق يجب على الإنسان أن يعرفه، «أخيه» هنا المقصود: أخيه في الدين، أما أخوه في النسب فإن كان مؤمنا فهو أخ له وإن كان غير مُسلِم فسيأتي القول فيه، قوله:«على خطبة أخيه» أي: أخيه المؤمن: لأن الله (عز وجل) قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠] وأتى بكلمة «أخيه»، دون «على خطبة الرجل» مثلاً استعطافا وحثًا على عدم الخطبة على خطبته؛ لأنه أخوك، فكيف تعتدي على حقه وتخطب على خطبته، فهو من باب الاستعطاف -استعطاف الإنسان المخاطب -.
وقوله:«حَتَّى يترك الخاطب» يعني: يترك الخاطب الذي هو أخيه، ومعنى «يترك» أي: يترك الخطبة ويصرح بالتنازل عنها إما لأهل الزوجة وإما لأحد من أصحابه، المهم: أن يثبت أن الرجل ترك الخطبة.
قال:«أو يأذن له» هو بخصوصه مثل أن يسمع شخصًا يقول: أنا أريد أن أخطب بنت فلان