ومن فوائد الحديث: تحري بيع الحر لقوله: "ورجل باع حراً فأكل ثمنه".
فإن قال قائل: الحديث دل على تحريم من أكل الثمن ولكن ما تقولون فيما لو باع حرًا وتصدق بثمنه؟ حرام أيضًا، لكن عبر بالأكل بناء على الغالب، فهو كقوله تعالى:{إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا}[النساء: ١٠]. ولو أخدوها بغير الأكل لكان الحكم واحدًا.
ومن فوائد الحديث: تحريم قتل الحر؛ لأنه إذا حرم استرقاقه فقتله من باب أولى؛ لأنه إتلاف له نهائيًا واسترقاقه تغيير وصف الحرية إلى رق مع بقاء الحياة، على كل حال تحريم القتل معروف؛ لأن كونه تأخذه من هذا ليس معناه أنه لا يوجد أدلة صحيحة في تحريم القتل.
ومن فوائد الحديث: وجوب تسليم الأجرة على المستأجرة للأجير، وجه ذلك: أن المانع للأجرة يكون الله خصمه يوم القيامة، وفيه تهديد لما يوجد اليوم في الكفلاء الذي يحرمون الأجراء الذين يستقدمونهم من بلادهم، فتجده يماطل بأجرته، ويخفضها عما تم الاتفاق عليه، وربما لا يعطيه شيئًا يلجئوه إلى أن يفر إلى أهله دون أن يأخذ شيئًا، هؤلاء يكون الله تعالى يوم القيامة خصمهم؛ لأنهم خانوا هؤلاء الأجراء ولو أن الأجير ترك من العمل أدنى شيء لأقام عليه الدنيا، وهو مع ذلك يأكل أجره ولا يبالي! !
[جواز أخذ الأجرة على القرآن]
٧٨٣ - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله». أخرجه البخاري.
أولا: لنعرف كلمة "أجرًا" ما الذي نصبها؟ مفعول "أخذ"، وهي في أول وهلة يظن الظان أنها تمييز لأنها وقعت اسم التفضيل، لكن ليس كذلك، يعني: إن أحق شيء أخذتم عليه أجرًا كتاب الله وهو خبر "إن"، هذا أحق ما يؤخذ عليه أجر.
وهذا أتى به المؤلف في باب الإجارة ليستدل به على جواز أخذ الأجرة على القرآن، وقوله:"كتاب الله" نسبه إلى الله كما نسبه الله تعالى إلى نفسه في عدة آيات؛ لأنه تكلم به - سبحانه وتعالى -، فالقرآن كلام الله تكلم به وكتب في الصحف التي في أيدي الملائكة، وكتب كذلك في الصحف التي بأيدينا، فسمي كتاب الله، ولا نعلم أن الله - سبحانه وتعالى - كتبه بيده، وإنما كتب - سبحانه وتعالى - التوراة بيده كما قال تعالى:{وكتبنا له في الألواح من كل}[الأعراف: ١٤٢].