٨٠٨ - وعنه رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة. قال: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة". رواه الحاكم والبيهقي، ورجاله ثقات.
"وعنه": أي عبد الله بن عمرو، "أمره أن يجهز جيشاً"، يعني: يقوم بمصالح الجيش ويشتري حوائجه وينفذه، والجيش هو الطائف من الجنود تتجاوز أربعمائة، وقوله:"فنفدت الإبل" يعني: الإبل المعدة للجهاد نفدت وانتهت، "فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ على قلائص الصدقة"، "قلائص": جمع قلوص وهي الناقة، وأضافها إلى الصدقة؛ لأنها تجبي من أموال أهل الإبل ويؤتي بها إلى المدينة، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، "قال: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة" شراء قطعا، وليس قرضاً؛ لان الباء هنا للمعاوضة، ولأنه من المعلوم أن القرض بذلك يكون من الربا، فلا يجوز للإنسان أن يعطى واحداً ويأخذ اثنين، لأنه يكون رباً لأنه قرض جر نفعاً وهو ربا، وقوله:"إلى إبل الصدقة" أي: إلى أن تأتي إبل الصدقة.
فهذا الحديث فيه فوائد: جواز التوكيل في تجهيز الجيش لان النبي صلى الله عليه وسلم وكل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
ومنها: منقبة لعبد الله بن عمرو؛ حيث ائتمنه النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر العظيم، وهذا يدل على حنكة الرجل وأمانته.
ومنها أيضاً: التأهب والاستعداد في تنفيذ الجيوش؛ لقوله:"أن يجهز"، والتجهيز أن يقوم بجهازه وكل ما يلزمه من مؤنه، فلا يبعث الجيش هكذا بدون أن يجهز.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهذا الحديث أقوى من الحديث السابق- حديث سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة- فهو أصح منه وأقرب إلى القواعد، فعلى هذا يكون مرجحاً على حديث سمرة.
ومن فوائد الحديث أيضاً: أنه يجوز النساء بل تجوز الزيادة في بيع الحيوان بالحيوان، وجهه: قوله: "كنت آخذ البعير بالبعيرين ... الخ".