من فوائد الحديث: جواز لعن الراشي والمرتشي، لكن على سبيل العموم لا التخصيص، فتقول: لعنة الله على الراشي والمرتشي، وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعنهما، وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"ما لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن على سبيل التعيين لا يجوز وإن رشا؛ لأنه من الممكن أن يهديه الله عز وجل ويسلم من الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وإذا كان الكافر- وهو أشد من المرتشي- لا يجوز لعنه بعينه فما بالك بالمرتشي، لا يجوز من باب أولى، ولهذا لما صار النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على قوم من العرب «اللهم العن فلاناً وفلاناً» نهاه الله، وقال له - سبحانه وتعالى-: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظلمون}[آل عمران: ١٢٨].
فكذلك هؤلاء الفسقة الذين لعنوا على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن نلعن الإنسان منهم بعينه لكن على سبيل العموم، وبهذا نعرف الفقه في هذه المسألة وهي الفرق بين التعيين بالجنس والتعيين بالشخص، التعيين بالجنس أوسع وهو أن أقول: اللهم العن الرشاة والمرتشين عموماً، لكن التعيين بالشخص، اللهم العن فلانا لأنه يرتشي لا يجوز، اللهم العن فلاناً لأنه كافر لا يجوز، لكن لو قلت: لعنة الله على الكافرين جائز للعموم، وهذا كما أنه في العقوبات فهو كذلك في الثواب، فلا تشهد لشخص معين بأنه في الجنة وإن كان مؤمناً، ولا تشهد لمن قتل في الجهاد بأنه شهيد وإن قتل فيه، ولكن نقول كما أرشد إليه عمر رضي الله عنه: "من قتل في سبيل الله أو مات فهو شهيد" على سبيل العموم؛ لأننا لو قلنا بجواز الشهادة بالتعيين لكنا نشهد لكل واحد بأنه في الجنة من المؤمنين وهذا لا يكون.
ومن فوائد الحديث: وجوب القيام بالعدل بين الناس؛ لأن الرشوة في الغالب يكون فيها جور؛ حيث إنه يقدم الراشي على غيره، وربما يحكم له بالباطل مع أن الحق مع غيره.
فإن قال قائل: ما وجه إدخال هذا الحديث في باب الربا؟
نقول: وجه ذلك: هو أن الجامع بينه وبين الربا أن هذا الآخذ بغير حق من أكل المال بالباطل فهو كالربا.