يقول:«وجعل عتقها صَدَاقَها». إذن فعتق المرأة يصح أن يكون صَدَاقًا لكن لها أو لغيرها؟ لها لا لغيرها فلو أن امرأة مثلًا كانت صديقة لسرية، عنده زوج خطب امرأة وله سرية وقالت المخطوبة: مهري أن تعتق سريتك فأعتقتها لأن بينها وبينها صداقة وتحب أن تحررها فهذا لا يصح لأن العتق الآن لغير المتزوجة والذي يصح أن يكون العتق للزوجة «أعتقها وجعل عتقها صداقها» كيف قال؟ قال أعتقتك وجعلت عتقك صداقك.
ففي الحديث فوائد منها: بيان حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في اصطفاء صفية ثم عتقها ثم جعلها من أمهات المؤمنين.
وفيه من الفوائد: أنه ينبغي للإنسان أن يراعي قلوب الناس فإذا انكسر قلب شخص فليحرص على جبره بما استطاع لأن في هذا فضلًا عظيمًا والإنسان ينبغي له أن يراعي الناس بنفسه بمعنى أن يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به، ومعلوم أن الإنسان إذا انكسر قلبه يحب من الناس أن يجبروه فينبغي هو أيضًا أن يجبر قلوب المنكسرة قلوبهم أولًا إشفاقًا عليهم، وثانيًا رجاء لفضل الله - سبحانه وتعالى-.
ومن فوائد الحديث: جواز إعتاق المملوكة وأن يكون عتقها صداقها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يشترط لعقد النكاح صيغة معينة أي أن النكاح ينعقد بما دل عليه ولا يشترط فيه لفظ الإنكاح ولا التزويج خلافًا لمن قال من أهل العلم إن النكاح لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج وقد مر علينا وقلنا إن الصحيح أن النكاح كغيره فينعقد بما دل عليه بأي لفظ كان.
ومن فوائد الحديث: فضيلة صفية رضي الله عنها وذلك بأنها كانت من أمهات المؤمنين.
ومن فوائد الحديث: بيان رحمة الله سبحانه وأنه إذا كسر من وجه، جبر من وجه آخر وهذه فائدة عظيمة يستفيد بها الإنسان في سلوكه مع الله عز وجل أنه إذا كسره الله من وجه فلينظر الجبر من وجه آخر ولا ييأس من رحمة الله وربما يأتي الجبر من وجه لم يخطر له على بال.
صَدَاق زوجات النبي صلى الله عليه وسلم:
٩٨٦ - وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه أنه قال:«سألت عائشة رضي الله عنها: كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا. قالت: أتدري ما النش؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقيةٍ. فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه». رواه مسلم.
أبو سلمة بن عبد الرحمن من التابعين، وعائشة من الصحابة، وإذا كان أدرك زمنها فهو