للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرت نعم الله فأحببت الله, ولهذا جاء في الأثر: «أحبوا الله لما يغزوكم به من النعم» , أنت الآن قد يسر الله لك الأكل والشرب واللباس والسكن والأمن, كل هذه يبذل الإنسان فيها الشيء الكثير ولا تحصل له إذا كان الله منعها إياه, فإذا كان الله قد منحك إياها فإنك إذا تفكرت تحب الله عز وجل لن هناك محبة أعظم وهي محبة الله تعالى لما يعرفه الإنسان من آياته الكونية وآياته الشرعية, كذلك أيضًا من النصح لله عز وجل أن تعظمه ولا تستهزئ ولا تسخر به ولا تنتهك حرماته, وعلى هذا فتكون النصيحة لله متضمناً لجميع أنواع العبادة لله عز وجل, ومن النصيحة لله أيضًا: أن تؤمن بما له من الأسماء والصفات, فإن ذلك من أعظم النصيحة لله, لكن من لم يرمن بذلك فهو بين أمرين: إما مكذب وإما معتدٍ, كل من لم يؤمن بما سمى الله نفسه به ووصفها به فهو بين أمرين إما مكذب وإما معتدٍ لا يمكن أن يخرج عن هذا, إما مكذب فيقول مثلاً: ليس لله وجه, وليس لله عين, وليس لله يد, وإما معتدٍ بأن يصرف اللفظ عما أراد الله إلى ما لم يرد الله, وهذا يكون معتدياً من وجهين: الوجه الأول: صرف اللفظ عما أراد الله كالذي يلوي عنق البعير إلى جهة غير الاستقامة والثاني: إثبات ما لم يرد الله؛ لأن هؤلاء المعطلة الذين يقولون: أراد الله باليد كذا وأراد الله بالوجه كذا نقول لهم بكل سهولة: ما دليلكم على هذا وهل الله عاجز على أن ينطق بما قلتم إنه مراده؟ الجواب: ليس بعاجز, وقد قال: إنه له يد وله وجه, وكيف نقول: أنه لم يرد اليد والوجه, ولهذا نقول: كل من أنكر اسماً من أسماء الله أو صفه من صفاته فإنه لا يخرج عن إحدى الدائرتين وهما التكذيب أو العدوان, التكذيب: بأن يقول ليس لله وجه, أو العدوان, وذكرت لكم العدوان يكون بأمرين: الأول: صرف اللفظ عما أراد الله, والثاني: إثبات معنى لم يرده الله عز وجل: وكلاهما ليس من النصح لله في شيء.

[كيف تكون النصيحة لكتاب الله؟]

قوله: "لكتابه", النصح لكتاب الله هو: أن تؤمن أنه كلام الله حقاً حروفه ومعانيه, هذا من النصح لكتاب الله؛ لأن الإنسان إذا لم يعتقد هذه العقيدة صار كلام الله وكلام الناس عنده على حد سواء, لكن لو اعتقد أنه كلام الله عز وجل وأنه تكلم به لفظاً ومعنى لاشك أنه يكون في قلبه من تعظيم هذا الكتاب ما لم يكن لو لم يعتقد ذلك, ولهذا نقول: القائلون بأنه مخلوق لم يعظموا هذا القرآن؛ لأنهم جعلوه كسائر المخلوقات, بل أبطلوا الأمر والنهي؛ لأنك إذا قلت: إنه مخلوق صار معنى أقيموا الصلاة حروفاً مخلوقة على هذا اللفظ على خط مستقيم طولي, ثم دائرة, ثم ياء معكوفة, ثم ميم مدورة, ثم واو مقوسة, فصار ليس له معنى إطلاقاً؛ ولهذا قال علماء السنة: من قال: إن القرآن مخلوق فقد أبطل الأمر والنهي, مثلاً: لا تشركوا, ماذا تكون إذا قلنا: إنها مخلوقة صار المعنى أن الله خلق شيئاً على هذه الصورة لا يدل على معنى, الآن نجد

<<  <  ج: ص:  >  >>