{من أشد منا قوة} فقال الله عز وجل: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوةً}[فصلت: ١٥]. وتأمل قوله:{الذي خلقهم} يعني: أنهم مخلوقون مربوبون مغلوبون مقهورون، أهلكوا بألطف الأشياء وهي الريح التي صارت تأخذ الواحد منهم إلى السماء ثم ينقلب فيقع في الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية نعوذ بالله، وفرعون كان يفتخر بالأنهار التي تجري من تحته، فبماذا أهلك؟ بنظيرها أي: بجنسها، أهلك بالغرق، فهذه سنة الله عز وجل نسأل الله أن يحمينا وإياكم من عذابه.
قال: {ولا تجعلها عذابًا"؛ لأن الله قد يجعلها عذابًا، ثم اعلم أن هذه الرياح وإن كان لها أسباب طبيعية لكن الذي خلق أسبابها الله عز وجل، فيكون الله تعالى يحدث أسبابًا قد يعلمها بعض الناس وقد لا يعلمها، تكون منها هذه الرياح شديدة لتدمر من شاء الله أن تدمره، ولقسوة قلوبنا وعتو نفوسنا في الوقت الحاضر إذا جاءت مثل هذه الأعاصير العظيمة ماذا نقول؟ نقول: تقلبات الطقس، ما يضيفون هذا الأمر إلى الرب عز وجل، ولا يخشون ولا يخافون، لكن القلوب قاسية، هذا الحجر لا ينفع إلا أن يضربه السندان حتى يكسره، أما إذا فعلت شيئا حوله فهو قاس لا يلين، نسأل الله أن يلين قلوبنا، وهذا من جهلنا في الحقيقة.
[حكم الصلاة للزلازل]
٤٨٥ - وعنه رضي الله عنه: "أنه صلى في زلزلة ست ركعات، وأربع سجدات، وقال: هكذا صلاة الآيات". رواه البيهقي. وذكر الشافعي عن عليٍ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه مثله دون آخره.
"عنه" من؟ ابن عباس، "صلى في زلزلة"، الزلزلة: رجة الأرض، والله تعالى قد يزلزل الأرض وتهلك وتدمر، هذه الزلزلة في لحظات تدمر آلاف الناس، وآلاف المساكن، ولو أن الإنسان تصور كيف يكون بهذه الزلزلة التي مثل الشرارة كأنها شرارة من سرعتها وتحدث هذا الأمر العظيم، أنا أذكر قبل سنوات حدث زلزال في إيران دمر خمسًا وعشرين مدينة، وأكثر من مائتين قرية، وأكثر من خمسة وعشرين ألفا ماتوا في لحظة، والذي حصل في اليمن قبل عدة سنوات قال الذين وصفوه: ما حسبنا إلا أن القيامة قامت حتى خرج الناس والأم ذاهلة عن طفلها فزعا مع أنها أقل من ثانية، هذا فعل الله عز وجل إذا شاء، هذه الزلزلة من آيات الله يخوف الله بها عباده، فهل يصلى لهذه الآية أو لا يصلى؟ اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من قال: لا يصلى لها؛ وإنما يصلى للكسوف خاصة؛ لأنه الذي ورد به النص، والنبي- عليه الصلاة والسلام- قال: "آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده"، مع أننا نجد في عهد الرسول- عليه