إلى الزوج الأول ثم طلقها فلا تحل له مع أن الطلقة التي وقعت واحدة لكنها مبنية على ما سبق. إذن إذا طلقت ثلاثا ثم تزوجت بآخر ثم عادت إلى الأول تعود إليه على طلاق ثلاث، إن طلقت أقل من ثلاث ثم تزوجت ثم عادت للأول فتعود على ما بقى من الطلاق، هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد وهو الصحيح. فإذا قال قائل: كيف يهدم الزوج الثاني ثلاث طلقات ولا يهدم الطلقتين مثلا؟ قلنا: نعم، لأن نكاح الزوج الثاني فيما إذا طلقت ثلاثا صار له تأثير في الحل للزوج الأول، أما نكاحها للزوج الثاني بعد الطلقتين أو بعد الواحدة فليس له أثر، لا يفيد شيئاً؛ لأن الزوج الأول غير محتاج إليه الآن، فلما لم يكن مؤثرا شيئا بقى الطلاق السابق على ما كان عليه، ولعموم قوله:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ... } ثم قال: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠]. فمذهب أحمد هو الصحيح. وقوله:«في الباب عن علي» إذا أطلق «علي» فالمراد به: علي بن أبي طالب، وإذا قيل: عن ابن مسعود فهو عبد الله، وإذا قيل: عن ابن عباس فهو عبد الله، وإذا قيل: عن ابن عمر فهو عبد الله.
[نكاح الزاني والزانية]
٩٥٦ - وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله». رواه أحمد، وأبو داود، ورجالة ثقات. قوله:«لا ينكح» اختلف المفسرون لهذا الحديث وللآية الكريمة في قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً}[النور: ٣].ما المراد بقوله:«لا ينكح»؟ قيل: المراد به: الوطء، يعني: لا يزني الزاني إلا بزانية، الزاني لا ينكح إلا زانية، يعني: الزاني لا يزني إلا بزانية، فجعلوا النكاح بمعنى: الجماع، والجماع بالزنا زنا، ولكن هذا القول ضعيف جدا جدا، لأنه لا يمكن أن يطلق الله النكاح الشرعي الذي ثبت به أحكام عظيمة كثيرة من حل وتحريم ونفقات وإرث لا يمكن أن يطلق هذا النكاح وهو العقد العظيم الذي لا نظير له في العقود على الزنا وهو إن أطلق على الجماع فيمن أضيف إلى زوجته فإنه لا يطلق على الجماع بحال من الأحوال، يعني مثلا: إذا قلنا: نكح الرجل امرأته، أي: جامعها، هذا معقول، لكن نكح الرجل امرأة أجنبية سنة هذا لا يمكن أبدا لهذا نقول: هذا القول ضعيف جدا وهو في نفس الوقت غير مستقيم، لأنه ما معنى لا يزني الزاني إلا بزانية؟ إن أراد إلا بزانية أي: بامرأة، يعني: تمارس الزنا فهذا لا يصدق قضيته، غير صحيح؛ لأن الزاني قد يزني بامرأة بكراً ما تريد الزنا إطلاقا، وإن أراد بالزانية امرأة معروفة