للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقى لنا في المثال الأول الذي قال: أنا جامعتها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "الحج عرفة"، هل يقبل تأويله وهو ليس من أهل الاجتهاد؟ هو سيقول: أنا أصلًا ما علمت أن هذا يحرم، وعلى كل حال: إذا كان جاهلًا فلا شيء عليه.

القسم الثالث: أن يفعل هذه المحظورات عالمًا ذاكرًا مختارًا لكن لعذر كأن يكن مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، والحمد لله أن الله رفع عنه الإثم وعليه الفدية؛ أي: فدية ذلك المحظور، لكن هل يدخل في هذا مسألة الجماع؟ يمكن أن يكون الإنسان مريضًا بسبق ولا يزول إلا بالجماع لا يزول بالاستمناء مثلًا ولا بالمباشرة، الشبق: هو أن بعض الناس إذا تحركت شهوته نزل الماء في الأنثيين وألمتاه تأليمًا عظيمًا، بل ربما يتورمان حتى ينزل، وبعض الناس -نسأل الله العافية- لا يذهب هذا إلا إذا جامع، والعلماء -رحمهم الله- كانوا يذكرون هذا ونستبعد أن يكون هذا الأمر، حتى ورد علي سؤال فيه من هذا العام في رمضان رجل مصاب بهذا الشيء ويقول عن نفسه: إنه لا ينفع فيه إلا الجماع، فلو فض أن الإنسان أصيب في الحج بهذا ولم يفده إلا الجماع فهذا ضرورة فهو من جنس كعب بن عجرة؛ لأنه لو لم يفعل لكان خطرًا على حياته، والحمد لله هذه القاعدة مستمرة فيما إذا فعل شيئًا من المحظورات عالمًا ذاكرًا مختارًا لكن لعذر اقتضى ذلك فإنه لا إثم عليه، ولكن عليه فدية ذلك المحظور، والله أعلم.

[تحريم مكة]

٧٠٤ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما فتح الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحد بعدي، فلا ينفر صيدها، ولا يختلي شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، فقال العباس: إلا الاذخر يا رسول الله، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، فقال: إلا الإذخر". متفق عليه.

فتح الله عليه مكة وذلك في رمضان من السنة الثامنة من الهجرة، وأسباب الفتح معلومة وهو أن قريشًا لما عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية نقضوا الصلح والعهد الذي كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبق لهم عهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم وقاتلهم، ففتحها الله عليه عنوة بالسيف ولكنها لم تقسم؛ لأنها محل شعائر الإسلام ومشاعر الحج، فلا يمكن قسمتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>