لا يترتب عليه فساد النسك ولا وجوب القضاء، يعني: لا يترتب عليه شيء من فعل المحظور أبدًا، وما الدليل؟ الدليل نوعان: عام وخاص، فالعام قوله تعالى:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة: ٢٨٦]. {ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ ولَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥]. {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ ولَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ ولَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النحل: ١٠٦]. وجه الدلالة من آية البقرة واضح، " رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" فقال الله: "قد فعلت"، ومن آية الأحزاب:{ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ ولَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}. وإذا انتفى الجناح والإثم انتفى ما يترتب عليه من الفدية، وفي آية النحل:{مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ}، وجه الدلالة: أنه إذا سقط حكم الكفر بالإكراه مع أن الكفر أعظم الذنوب فما دونه من باب أولى وهذه الأدلة من القرآن، ومن السنة:"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". هذا هو القسم الأول من الأدلة وهي الأدلة العامة، فأي إنسان أخرج شيئًا من هذا العموم فعليه الدليل.
هناك دليل خاص في موضوع المحظورات في جزاء الصيد قال الله تعالى:{ومَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}[المائدة: ٩٥]. فإذا اشترط الله العمد لوجوب الجزاء في الصيد مع أنه إتلاف فغيره من باب أولى.
وعلى هذا فنقول: إذا فعل هذه المحظورات جاهلًا أو ناسيًا أو مكرهًا فلا شيء عليه حتى في الجماع، فإذا سأل سائل وقال: إنه حج وزوجته وفي مزدلفة جامع زوجته سألناه لماذا جامعت زوجتك؟ قال: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "الحج عرفة"، وانتهى الحج فجامعتها، فماذا تقول له؟
نقول له: ليس عليك شيء؛ لأنه جاهل متأول، أو لا يدري، أو كان حديث عهد بإسلام فظن أن ذلك لا بأس به، أو ظن أن الجماع المحرم ما كان فيه إنزال، ولم يحصل منه إنزال كما يوجد في كثير من الناس الآن، ولاسيما المتزوجون عن قرب رمضان يجامعون زوجاتهم في النهار بدون إنزال ويحسبون أنه ليس به بأس، هكذا يقولون، والله أعلم بكلامهم، وعلى كل حال: إذا كان جاهلًا نقول له: لا شيء عليك.