للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما سمعتم أن الحديث في الصحيحين، لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولكن هو الذي ذهب إلا أنه لا منافاة بينهما؛ لأن اغتساله قد يكون عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون في هذا الحديث دليل على أمر الكافر إذا أسلم بالاغتسال.

وهذه المسألة اختلف فيها العلماء، منهم من قال: إن الأمر للاستحباب، والذي صرفه إلى الاستحباب العدد الكثير الذين كانوا يسلمون ولا يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال، ولو كان الاغتسال واجبا لكان هذا مما ينتشر بين الناس؛ لأن الذين يسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كثير، وعلى هذا فيكون الأمر للاستحباب.

ومنهم من قال: إن الأمر للوجوب؛ وعلل ذلك بأن الأصل في الأمر الوجوب؛ وكونه لم ينقل أنه لم يأمر كل من أسلم بالاغتسال لا يدل على العدم؛ لأن عدم النقل في أعيان من أمروا لا يدل على عدم الأمر، فلعل هذا كان أمرا مشهورا، وكان الرجل إذا أسلم اغتسل ولا يحتاج إلى أمر؛ ولأن ذلك أحوط وأبرأ للذمة؛ ولأن ذلك يعطي المسلم حافزا على التطهر من أدران الشرك، كما أمر أن يتطهر ظاهره فيكون تطهير ظاهره عنوانا على تطهير باطنه، وهذا القول لا شك أنه أقرب إلى الصواب أن كل من أسلم يؤمر وجوبا أن يغتسل.

ولكن إذا لم يفعل فهل تصح صلاته بدون ذلك؟ الظاهر نعم؛ لأن هذا الاغتسال ليس عن حدث، وإنما هو من اجل تطهير ظاهره كما طهر باطنه، وقال بعض العلماء: إن كان قد حصل له في حال كفره ما يوجب الغسل وجب عليه أن يغتسل وإلا لم يجب سواء اغتسل في كفره أو لم يغتسل، وقال بعضهم: إذا حصل عليه ما يوجب الغسل في كفره فاغتسل لم يجب عليه الغسل بعد الإسلام وإلا وجب، لكن أقرب الأقوال هو الوجوب، لما في ذلك من بعث الهمة وتنشيطها وإشعاره بأنه يجب أن يتطهر الإنسان من الكفر في ظاهره وباطنه، أما بقية الفوائد في القصة فلا حاجة لذكرها، لأنها لم تذكر في الأصل.

[غسل يوم الجمعة]

١٠٦ - وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم". أخرجه السبعة.

وهم البخاري، وميلم، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

قال: "غسل الجمعة واجب" فأضافه إلى الجمعة، والأصل: أن الجمعة هي الصلاة لا اليوم؛ ولهذا يقال: يوم الجمعة، وبه نعلم أن الغسل هنا للصلاة وليس لليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>