فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه» فيستفاد من هذا: أن كل شيء يحزن المؤمن فإنه منهى عنه سواء المناجاة أو غير ذلك.
النهي عن قتل الدواب صبراً:
١٢٩٠ - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنها قال:«نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيء من الدواب صبراً» رواه مسلم.
النهي: قال العلماء هو طلب الكف على وجه الاستعلاء عكس الأمر؟ لأن الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء وهذا طلب الكف أي: الترك على وجه الاستعلاء أي: أن الناهي يشعر بأنه مستعل على المنهي، وقد مر علينا في الأصول هل النهي المطلق يقتضي التحريم أو الكراهة؟ وبينا أن للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يقتضي التحريم، والثاني: الكراهة، والثالث: التفريق بين العبادات والآداب، وقوله:«أن يقتل شيء من الدواب صبراً» الدواب جمع دابة والمراد بها كل ما دب علي الأرض سواء كان حلالاً أو حراماً وقوله صبراً أي: حبساً، والمعنى: أنه يحبس ثم يقتل، وهذا كالنهي عن اتخاذ ما فيه الروح غرضاً مثال ذلك أن يمسك إنسان بالدابة ثم يأتي شخص آخر ويرميها بالسهم/ هذا منهي عنه؛ لأنه إفساد ولا تحل به هذه المقتولة لأنه مقدور على ذبحها، والمقدور على ذبحها لا يحلها الرمي بالسهم لأن الرمي بالسهم إنما هو لما لا يقدر عليه وأما ما يقدر عليه فلابد أن يذبح أو ينحر.
ففي هذا الحديث: أن الدين الإسلامي كما جاء بالرفق بالإنسان فإنه جاء بالرفق بالحيوان، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيء من الدواب صبراً.
ومن فوائده: النهي عن إضاعة المال لأن قتل الدواب صبراً إضاعة للمال إذ إنها لا تحل بهذا القتل؛ إذا كانت مما يؤكل فتضيع ماليتها، وإن كانت مما لا يؤكل كالحمير ضاعت ماليتها أيضاً فينهى عن ذلك.
ومن فوائد الحديث: أن ما يقدر على ذبحه لا يحل برميه ولعل المؤلف رحمه الله ساقه في هذا الباب من أجل هذه الفائدة أن كل ما يقدر عليه فلابد فيه من الذبح أو النحر، الذي لا يقدر عليه يحل بقتله في أي موضع من بدنه كالصيود الطائرة أو العادية وكالذي سقط في بئر ولم نقدر عليه فإنه يصح أن نرميه وفي أي موضع أصابه السهم ومات به يحل، وكذلك إذا ندت الإبل أو