الكتاب والحكمة فصار يزكي الناس ويعلمهم، وكذلك بالنسبة للنسيان ما ينقصه؛ لأن هذا النسيان طبيعة بشرية لا توجب النقص، كما أنه إذا جاع أو عطش أو أصابه البرد أو الحر لا ينقصه ذلك كله. كان (صلى الله عليه وسلم) يصب على رأسه الماء من العطش وهو صائم، ما يقال هذا فيه نقص فهو (صلى الله عليه وسلم) أكمل الناس في الأحوال البشرية، لكنه ليس خاليًا منها، لابد أن تصيبه الأحوال البشرية كغيره، لكن الله تعالى أعطاه كمالًا في الصبر وحسن الخلق ومكارم الأخلاق (صلى الله عليه وسلم).
[سجود التلاوة]
أما الموضوع الثاني في الباب فهو:"سجود التلاوة"، سجود التلاوة ظاهر اللفظ: أنه سجود سببه التلاوة، أي آية تلوتها فإنك تسجد، ولكن ليس كذلك، فهو عام مخصوص. سجود التلاوة تعني: في مواضعها، فهو سجود سببه التلاوة، لكن في مواضع التلاوة.
[حكم سجود التلاوة]
سجود التلاوة سنة مؤكده لا ينبغي للإنسان أن يدعه، حتى قال بعض العلماء: إنه واجب، وأن من ترك السجود فهو آثم، لكن الصواب أنه ليس بواجب؛ لأن أمير المؤمنين عمر (رضي الله عنه) قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل فلما بلغ السجدة نزل فسجد، ثم قرأها في الجمعة الأخرى، ولم يسجد ثم قال:"إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء" قاله بمحضر من الصحابة، فدل ذلك على أن الصواب عدم وجوب سجود التلاوة.
فإن قال قائل: ما تقول في قوله تعالى: {وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون}(الانشقاق: ٢١). أليس هذا من خصائص الكفار؟
فالجواب: أن المراد بالسجود هنا: سجود الذل والخضوع؛ لأن الله ما قال: وإذا قرئ عليهم آية سجدة، إنما قال:{وإذا قرئ عليهم القرآن}، ومعلوم بالنص أنه ليس كل ما قرئ من القرآن يجب له السجود، فتعين أن المراد بالسجود هنا: سجود الذل والطاعة، يعني: أنهم لا يخضعون ولا يدلون، بل يستكبرون- والعياذ بالله-.
[أحكام سجود التلاوة]
سجود التلاوة له أحكام أولًا: هل يسجد الإنسان في الصلاة أو لا يسجد؟
الجواب: يسجد، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قرأ في صلاة العشاء {إذا السماء انشقت}(الانشقاق: ١) فسجد فيها، فيسجد الإنسان ولو في صلب الصلاة، وإذا سجد في صلب الصلاة فإنه يكبر