وفيه دليل أيضًا على أن [الشارع يراعي المشقة] , وأنه مع المشقة تيسر الأمور؛ ولهذا كان من الضوابط عند العلماء: «المشقة تجلب التيسير».
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم يستقل بالتشريع لقوله: «إنه لوقتها, لولا أن أشق على أمتي» , ولكن اعلم أن تشريع النبي صلى الله عليه وسلم يكون من شرع الله إذا أقره الله عليه أما إذا اجتهد ولم يقره الله عليه فالأمر واضح؛ مثل إذنه صلى الله عليه وسلم لمن استأذنه من المنافقين قبل أن يتبين الأمر, فقد قال الله تعالى فيه: {عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين} [التوبة: ٤٣].
ومن فوائد هذا الحديث: رأفة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته, وأنه يحب لهم الأيسر والأسهل؛ ولهذا كان - عليه الصلاة والسلام - إذا بعث البعوث للدعوة إلى الله قال لهم: «يسروا ولا تعسروا, وبشروا ولا تنفروا, فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين». «وما خير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا» , والمراد بالأمة هنا: أمة الإجابة؛ وذلك لأن أمة الدعوة لا يصلون حتى يرفق بهم أو لا يرفق, لكن المراد بذلك: أمة الإجابة.
إذن لو سألنا سائل: ما هي الصلاة التي يسن تأخيرها بكل حال؟ هي العشاء, وغيرها من الصلوات لا يسن تأخيرها إلا بسبب.
[حكم الإبراد في صلاة الظهر]
١٥٠ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة, فإن شدة الحر من فيح جهنم». متفق عليه.
قوله: «إذا اشتد الحر» هل المراد: إذا اشتد الحر في الفصول, أو إذا اشتد الحر في النهار؟
الأول؛ يعني: إذا اشتد الحر في الفصول؛ لأن فصول السنة أربعة: فصل الشتاء: وهو بارد, وفصل الربيع: وهو بين البرودة والحرارة, وفصل الصيف - أو القيظ -: وهو حار, وفصل الخريف: وهو بين الحرارة والبرودة, فيكون المعنى: «إذا اشتد الحر» أي: إذا أتت الفصول الحارة, وهو فصل الحر الذي يسميه بعض الناس فصل الصيف.