دعاؤه؛ ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، قال:"فأنى يستجاب لذلك".
وهذا من السحت أن يسحت بركة الدعاء مع توفر أسباب الإجابة، وهي رفع اليدين إلى السماء. ومن قوله: يا رب، يا رب، يا رب، وكونه أشعث أغبر، والرابع: كونه في السفر مع توفر هذه الأسباب الأربعة يبعد أن يستجاب له، لأنه كان يتغذى بالحرام، وهذا من أعظم السحت- والعياذ بالله-.
ومن فوائد الحديث: التنبيه على أنه لابد أن يكون الشاهد ذا خبرة؛ لقوله:"من قومه، فإذا لم يكن ذا خبرة فإننا لا نقبله؛ لأننا نعلم أنه شهد تخرُّصّا أو محاباة أو ما أشبه ذلك.
ومنها: اشتراط العقل في الشهادة؛ لقوله: "من ذوي الحجا" أي: العقل.
ومنها اشتراط التعدد في هذه المسألة في ثلاثة، لقوله: "حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجا من قومه، وهذا فيما إذا كان معروفًا بالغنى من قبل.
[فائدة في أقسام البيئات]
تتميمًا لهذه الفائدة نقول: إن الشهود قد يكونون أربعة، وقد يكونون ثلاثة، وقد يكونون رجلين، وقد يكونون رجلًا وامرأتين، وقد يكونون رجلًا ويمين المدعي، وقد تكون اليمين فقط، فهذه أقسام أربعة.
في الزنا واللواط لا بد فيه من أربعة رجال لقوله تعالى:{لولا جاءو عليه بأربعة شهداء}[النور: ١٣]. ثلاثة رجال هذا الحديث: إذا ادعى الفقر وهو معروف بالغنى فلا بد من ثلاثة رجال، رجلان في الحدود مثل حد الزنا، والقصاص، والنكاح وما أشبه ذلك مما ليس بمال ولا يقصد به المال فلا بد فيه من رجلين، رجل وامرأتان في المال وما يقصد به لقوله تعالى:{فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان}[البقرة: ٢٨٢]. رجل ويمين المدعي كذلك في المال وما يقصد به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد مع اليمين، امرأة واحدة أو رجل واحد، أمرأة واحدة فيما لا يطلع عليه إلا النساء كالرضاع والاستهلال وما أشبه ذلك.
الاستهلال؛ يعنى: استهلال الحمل إذا سقط، وشهدت امرأة بأنه استهل صارخًا قبلنا شهادتها وورثناه اليمين فقط وذلك فيما إذا كان هناك قرينة ظاهرة تدل على صدق المدعي مثل: القسامة في الدماء، ومثل لو أن رجلًا يسعى شديدًا خلف رجل هارب وهذا الرجل الذي يسعى شديداً خلفه أصلع ليس عليه شيء وذاك عليه شماغ وبيده شماغ، والذي يسعى وراءه يقول: أعطني شماغي، هنا إذا قال المدعين عليه: هات شهودًا أن هذا لك، فإننا نقبل قول المدعي بيمينه؛ لماذا؟ لوجود قرينة ظاهرة تشهد له. هذه أقسام البينات التي تثبت بها الحقوق، كم صارت؟ سبعة.