للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوكالة]

٨٤٥ - وعن جار بن عبد الله رضي الله عنه قال: «أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذا أتيت وكيلي بخيبر، فخذ منه خمسة عشر وسقا» رواه أبو داود وصححه.

الظاهر جواز سكون السين وفتحها، قال: «أردت الخروج إلى خيبر» ما هي خيبر؟ خيبر مكان يقع من المدينة نحو مائة ميل نحو الشمال الغربي، وفيه حصون وقصور ومزارع لليهود، وسبب مجيء اليهود إلى خيبر وإلى المدينة أنهم قد قرءوا في التوارة أنه سيبعث نبي يكون مهاجره المدينة، فصاروا يجتمعون من أقطاب الأرض في المدينة انتظاراً لهذا النبي الذي أخبرت به التوراة، وكانوا يستفتحون على الذين كفروا، يعني: يستنصرون، ويقولون: سيبعث نبي ونكون من أتباعه ونغلبكم، ولكن لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم من العرب أنكروا وتنكروا لهذا، وقالوا: ليس هذا النبي الموعود، لأنهم ظنوا أن هذا النبي سيكون من بني إسرائيل، ولكن كان من بني إسماعيل من بني عمه، والغالب أن بني العم يقع بينهم الحسد، ولاسيما مثل اليهود الذين هم أشد الناس حسداً، فحسدوا العرب، وقالوا: ليس هذا النبي الذي أخبرت به التوراة، وأنكروا المهم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم غزاهم في خيبر، فلما حصل الفتح طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقيهم في خيبر على أن يكونوا عمالاً فيها مزارعين في الزرع ومساقين في النخل، لأن العمل في النخل يسمى مساقاة، والعمل في الزرع يسمى مزارعة، فعاملهم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاهم خيبر على النصف، نصف ما يخرج منها من ثمر أو زرع يكون لليهود والنصف الثاني للمسلمين، وحصل بفتحها خير كثير ورزق كثير للصحابة- رضي الله عنهم- وكفاهم اليهود المؤنة والتعب وبقي المسلمون على ما هم عليه من الجهاد في سبيل الله والتفرغ للدعوى، وخيبر تدر عليهم.

لما حصل الفتح كان النبي صلى الله عليه وسلم وكيل في خيبر من أجل ملاحظة الثمار التي للمسلمين ومن أجل مقاسمة اليهود، فأراد جابر أن يخرج إلى خيبر، قال: «فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم» أي: ليخبره بأنه سيخرج إلى خيبر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «إذا أتيت وكيلي بخيبر فخذ منه خمسة عشر وسقا» وتمام الحديث، «فإن أراد منك أمارة فضع يدك على ترقوته» وليت المؤلف جاء بها، كأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل آية بينه وبين وكيله على هذا الوجه أنه إذا جاء أحد يقول: أرسلني الرسول قال: ما العلامة إذا كان صادقاً أن الرسول بعثه سيضع يده على ترقوته قال هذه العلامة وإن لم يكن صادقاً فلا يدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>