الزكاة، بل يجب أن يذهبوا هم إلى أهل الزكاة، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم" أي: الموارد؛ لأن أهل الأموال والمواشي لهم أماكن يردونها فيجلس الجابي أو الساعي على الماء، وكل من جاء أخذ منه الزكاة، ولا يجوز أن يجلس في مكان ويقول: ائتوا بزكاتكم، فان فعل كان مخالفاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله:"تؤخذ" جملة خبرية، ولكنها بمعنى الأمر، الرواية الثانية:"لا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم" وهذا الحديث أعم من الأول؛ لأنه قال:"لا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم"، فيشمل الماشية وغير الماشية مثل زكاة الثمار؛ لأن زكاة الثمار يفرضها الإمام أو نائبه، فلا تؤخذ منهم إلا في دورهم، ولا نقول: ائت بها إلينا، بل نقول: اذهب أنت إلى أهل البساتين وخذ الزكاة.
من فوائد هذا الحديث: مشروعية بعث السعاة لقبض الزكاة.
ومنها أيضًا: أن الواجب على العامل أن يذهب بنفسه إلى بلاد من عليهم الزكاة ليجلبها، ومنها مراعاة التيسير على أهل الزكاة، وجهه: أنه يذهب إليهم وهذا من التيسير؛ لأن المزكِّي في الحقيقة قد أخذ منه الزكاة، فإذا أخذ منه وكلِّف أن يسافر بذلك صار في هذا نوع من المشقة عليه وثقلت، ثم لو طلب منه أن يأتي بها هو فربما يتأخر ويتكاسل، فإذا ذهب الساعي إليه أخذ منه الزكاة.
[لا زكاة على المسلم في عبيده وخيله]
٥٧٥ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقةٌ" رواه البخاريُّ.
- ولمسلمٍ:"ليس في العبد صدقةٌ إلا صدقة الفطر".
قوله:"ليس على المسلم في عبده"، كلمة "على المسلم" لا مفهوم لها؛ وذلك لأن الكافر يحاسب على الزكاة على القول الصحيح، لكنه وصفه بالمسلم؛ لأنه هو الذي يخاطب في أداء الزكاة.
وقوله:"في عبده" الإضافة هنا للاختصاص والتملك في عبده الذي ملكه مختصًّا به، مثل العبد الذي اتخذه للخدمة في البيت، أو في الدُّكان، أو في العمل، أو ما أشبه ذلك.
وقوله:"ولا فرسه" نقول فيها مثل ما قلنا "في عبده" أنه الفرس الذي اختصه لنفسه يركبه ويجاهد عليه ويسابق عليه وما أشبه ذلك.
وقوله:"صدقة" أي: زكاة، والدليل أنها زكاة أنه قال:"ليس على المسلم" و"على" تفيد الوجوب، فنفى الرسول صلى الله عليه وسلم الوجوب ولا واجبة إلا الزكاة.