الناس أن يصلوا جماعة في بيوتهم أو في مكاتبهم، وهذا القول يجيز من قاله أن يصلي الإنسان بامرأته ويقول: إن الجماعة تنعقد بالمرأة، نتيجة هذا القول أن يصير كل واحد هنا نحن الحاضرين يصلي في ينته مع امرأته أو أمه أو أخته أو بنته، وحينئذ ماذا تكون المساجد؟ تكون المساجد معطلة.
ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم:"أخالف إلي رجال" يدل علي أن الرجال لو أقاموها في أماكنهم يجزئ عنهم ذلك أم لا؟ لا، ما قال: إلي رجل، قال:"إلي رجال"، حتى هؤلاء الرجال لو صلوها في بيوتهم لا يجزئ، لابد أن يحضروا إلي المسجد، وهذا القول هو الراجح؛ أي: أنه يجب إقامة الجماعة في المساجد، وأن إقامتها في المساجد فرض عين وليست فرض كفاية.
[وجوب الحضور للجماعة في المسجد]
٣٨١ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة علي المنافقين: صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا". متفق عليه.
- وعنه قال:"أتي النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمي فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلي المسجد، فرخص له، فلما ولي دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب" رواه مسلم.
٣٨٢ - وعن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سمع النداء فلم يأته؛ فلا صلاة له إلا من عذر". رواه ابن ماجه، والدارقطني، وابن حبان، والحاكم، وإسناده علي شرط مسلم، لكن رجح بعضهم وقفه.
هذا الحديث في باب صلاة الجماعة، يقول:"من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر"، وهذا كما سمعتم اختلف العلماء في رفعه ووقفه، والأظهر: أنه موقوف، وهذا يدل بظاهرة علي أن الإنسان إذا سمع النداء وجب عليه أن يحضر للمسجد، فإن لم يفعل فإنه لا صلاة له، وظاهر النفي نفي الصحة؛ لأن الأصل في النفي أن يكون نفيًا لذات الشيء، فإن لم يمكن حمل علي نفي الصحة، فإن لم يمكن فهو نفي للكمال، فإذا دار الأمر بين كون الشيء نفيًا للصحة أو نفيًا للكمال، فإنه يجب أن يحمل علي أنه نفي للصحة إلا أن يمنع من ذلك مانع، فإذا قلنا: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر، صار في ذلك فائدتان: