وإعزازهم، والكافر لا يستحق إكرامًا ولا إعزازًا، لما قال المنافقون: } ليخرجن الأعز منها الأذل {قال الله تعالى: } ولله العزة ولرسوله {. وأما المنافقون فلا عزة لهم وكذلك الكافرون.
ومن فوائد الحديث: جواز الرد عليهم يؤخذ من المفهوم؛ لأنه إذا كان نهى عن البداءة فالرد جائز ولكن هل يجوز أن أزيد في الرد على ما قال: إذا قال: السلام عليك، أقول: عليكم السلام ورحمة الله؟ يحتمل، الآية تدل على أن فيه احتمال: } وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها {.
فإذا قال قائل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ابتدائهم.
نقول: نعم عن الابتداء، لكن الزيادة هنا صارت تابعة للرد ويغفر في التوابع ما لا يغفر في الأوائل لكن إذا خشينا أن يتعاظم في نفسه لو رددنا عليه بأكثر فحينئذٍ نمنعه من أجل هذه المفسدة.
ومن فوائد الحديث: أن المسلم ينبغي أن يكون عزيزاً في دينه لا بشخصه، فيرى في نفسه أنه عزيز بما يحمله من دين الله من غير فخر ولا خيلاء؛ لأنه إذا رأى أي عزيز بالدين لم يكن عنده فخر ولا خيلاء لأن الدين يحارب الفخر والخيلاء، لكن لا ينبغي أبدًا أن يذل أمام الكفار وينبني على ذلك أننا لا نقلدهم فيما لا خير لنا فيه، أما ما فيه خير كالصنائع وغيرها فهذا ليس تقليدًا لهم في الواقع وإنما نأخذ من علومهم ما ننتفع به، كما أخذ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن أريقط دلالته على الطريق ولم يقل هذا مشرك لا آخذ بدلالته بل أخذ بدلالته.
فإن قال قائل: وهل يلحق غير اليهود والنصارى بهم في النهي عن بداءتهم بالسلام؟
فالجواب: نعم، بل من باب أولى؛ لأن اليهود والنصارى أهل كتاب ولهم من الخصائص والمزايا على غيرهم ما لا يوجد في غيرهم فإذا نهى عن بداءتهم بالسلام فغيرهم من باب أولى.
ومن فوائد الحديث: أننا لا نفسح المجال لهم إذا لقيناهم في الطريق لقوله: "إذا لقيتموهم ... الخ".
ومن فوائد الحديث: أنه ليجوز أن نمكِّن اليهود والنصارى من المشي في الطرقات وغير ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: اطردوهم، بل قال:"اضطروهم إلى أضيقه".
[صلح الحديبية]
١٢٦١ - وعن السمسور بن مخرمة ومروان رضي الله عنهما "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية ... " فذكر الحديث بطوله، وفيه: "هذا ما صالح عليه محمَّد بن عبد الله سهيل بن عمروٍ: على