للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيها النَّاس، ويكف بعضهم عن بعض". أخرجه أبو داود وأصله في البخاريِّ.

بدأ المؤلف الآن في الهدنة، لأن الباب باب الجزية والهدنة وعام الحديبية العام السادس من الهجرة خرج النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من المدينة على مكة معتمرًا في نحو ألف وأربعمائة رجل لا يريد إلا العمرة ومعه الهدي وأحرم من ذي الحليفة ولما وصل إلّى الحديبية أبى المشركون أن يدخل مكة حملهم على ذلك حمية الجاهلية وقالوا: لا تتحدث العرب أننا أخذنا ضغطة وكان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قد أراه الله من الآيات ما يقتضي أن يصالحهم وألا يدخل وذلك في ناقته حينما بركت وكان يزجرها ولكنها أبت فقال الناس: "خلأت القصواء" يعني: حرنت فقال صلى الله عليه وسلم: "والله ما خلأت وما ذاك لها بخلق" حتَّى البهائم لها أخلاق؟ نعم، "وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل"، الفيل الَّذي جاء به أبرهة ليهدم به الكعبة ولكنه - أعني الفيل - أبى أن يمشي انحبس في المغمَّس.

حبس الفيل بالمغمَّس حتَّى ... صار يحبو كأنَّه معقور

ثمَّ قال: "والَّذي نفسي بيده أو قال: "نفس محمد بيده لا يسألوني خطة يعظمون بها حرمة الله إلا أجبتهم عليها" لا ذلأ لهم ولكن تعظيمًا لحرمات الله وحصل ما حصل وجرى الصلح، وكان فيه: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وكان قد قال: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ولكن سهيل بن عمرو [أنكر] قال: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ولا منعناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله! ! فقال صلى الله عليه وسلم: "والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله" فأنكر صلى الله عليه وسلم إنكاره أن يكون رسول الله وأثبت أنه رسول الله، لكن تواضع للحق لا للخلق، وقال: اكتب محمد بن عبد الله وهو محمد بن عبد الله لا شك، لكن وصفه بالرسالة أفضل من وصفه بالنسب إلا أنه من باب تعظيم حرمات الله كتب محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو ... إلخ، فكتب الكتاب على هذا الشرط ويوجد شروط أخرى لكن هذا هو المقصود من إيراده في هذا الباب، هذا ما صالح عليه على وضع الحرب عشر سنين يعني: لا حرب بينه وبين قريش لمدة عشر سنوات، وأطال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في المدة من أجل أن يستتب الأمن بين الناس وقد سمى الله تعالى هذا الصلح فتحًا: } لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا {[الحديد: ١٠]. فسماه الله تعالى فتحًا، لأن الناس اختلط بعضهم ببعض ولأنه مقدمة

<<  <  ج: ص:  >  >>