فإذا قال قائل: ما الفائدة من البيع إذا كانت هذه امرأة زنت ثلاث مرات يخشى إذا بيعت على آخر أن تزني فنكون كالمستجير من الرمضاء بالنار؟
فنقول: فيه فائدتان: الفائدة الأولى للسيد، والفائدة الثانية للأمة، أما فائدة السيد: فلئلَّا يتهم السيد بالدياثة وإقرار أمته على الزنا، كأنه يقول للناس: انظروا أنا خليتها وبعتها، والفائدة الثانية للأمة: أنه ربما إذا تغير عليها الوضع تغيرت حالها، وكذلك إذا فكرت في الأمر وأنها كلما زنت ثلاث مرات سوف تباع وتنتقل من رجل إلى آخر فإنه ربما تتغير حالها.
ومن فوائد الحديث: أنها تباع ولو بثمن قليل لقوله: "ولو بحبل من شعر"، ولكن هل هذا مراد أو المبالغة، يعني: بعها ولو برخص؟ المراد الثاني بلا شك، وإلَّا حبل من شعر لم تجر العادة بأنه ثمن للإماء.
[السيد يقيم الحد على مملوكه]
١١٦٥ - وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم". رواه أبو داود.
- وهو في مسلمٍ مؤقوفٌ.
"أقيموا": فعل أمر، فهل هو للوجوب أو للاستحباب؟ الجواب: أنه للوجوب؛ لأنه الأصل في الأمر، ولأن إقامة الحدود من فرائض الله، وقوله "على ما ملكت أيمانكم" يشمل الذكور والإناث، وأن الإنسان يقيم الحد على ما ملكت يمينه من ذكور وإناث، فيقيم الحد على الأمة ويقيم الحد على العبد، وقوله:"الحدود" ظاهره العموم وأنه يشمل حدود الجلد وحدود القطع فيما لو سرق وستأتي في الفوائد، وقوله:"على ما ملكت أيمانكم" المراد بالأيمان هنا نفس الشخص، لكن يعبر باليمين عن الكل لأنها آلة الأخذ والإعطاء في الغالب.
ففي هذا الحديث دليل على وجوب إقامة الحدود لقوله:"أقيموا"، والأصل في الأمر الوجوب، وقد مر علينا في حديث عمر أن إقامة الحد فريضة.
من فوائد الحديث: أن السيد يقيم الحد على مملوكه سواء كان الحد جلدًا أم قطعًا أم غير ذلك للعموم في قوله: "الحدود". فهي صيغة جمع معرف بـ "أل" فيكون للعموم، والمشهور عند