جامعها، والسيد تحلُّ له مملوكته، فإن ادعت شبهة وقالت: إن هذا الحمل من زنًا ولكنني فكرهة فإنه لا يقام عليها الحد لاحتمال صدقها، وكذلك لوادعت أن أحدًا زنا بها وهي نائمة ولم تعلم فإنه لا يقام عليها الحل لوجود الشبهة.
الثالث: أو الاعتراف، أي اعتراف كان؟ نقول: أو الاعتراف وأطلق أمير المؤمنين عمر، فيحتمل أن تكون "أل" لبيان الحقيقة أو للعهد والأصح أنها لبيان الحقيقة، وأنه لا يشترط تكرير الاعتراف، بل إذا اعترف الزاني مرة واحدة فإنه يقام عليه الحد، وقد عرفتم الجواب عن قصة ماعز رضي الله عنه.
ومن فوائد الحديث: أنه لا مانع من أن تضمن خطبة الجمعة المسائل الفقهية، ولاسيما المسائل الكبيرة العظيمة التي يحتاج الناس إليها، وأنه لا يشترط أن تكون الخطبة خطبة وعظ فقط، بل حسب ما تقتضيه الحال، قد تقتضي أن تكون الخطبة خطبة وعظ، وقد تقتضي الحال أن تكون الخطبة بيان أحكام.
[حد الأمة الزانية]
١١٦٤ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبيَّن زناها؛ فليجلدها الحدَّ ولا يثرِّب عليها، ثمَّ إن زنت فليجلدها الحدَّ ولا يثرِّب عليها، ثمَّ إن زنت الثَّالثة فتبيَّن زناها؛ فليبعها ولو بحبلٍ من شعرٍ". متَّفقٌ عليه، وهذا لفظ مسلمٍ.
يراد بالأمة هي المملوكة، وقد يراد بالأمة مجرد الأنثى كقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" فالمراد بالإماء هنا الحرائر، وقوله:"إذا زنت أمة أحدكم" المراد بها: المملوكة، وقوله:"فتبين زناها" أي: ظهر ظهورًا بينًا للسيد وإن لم يكن بشهود أربعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: فشهد عليها أربعة، وإنما قال:"فتبين زناها"، "فليجلدها الحد ولا يثرب"، اللام هنا للأمر، وهل الأمر للوجوب أو للإباحة؟ نقول: الأمر للوجوب، ولكن له أن يتنازل عن حقه ويجعل الحد لولي الأمر يجلدها وقوله:"لا يثرب" يعنى: لا يوبخها ويعنفها؛ لأن إقامة الحد عليها كافٍ.
ثم إن زنت مرة ثانية ... إلخ، "إن زنت الثالثة فتبين زناها"، أعاد قوله:"فتبين" لئلا يتسرع الإنسان في الثالثة، "فليبعها ولو بحبل من شعر ولم يذكر جلدها"، وسيتبين ذلك في أخذ الفوائد. هذا الحديث: يدل على أن سيد الأمة هو الذي يتولى إقامة الحد عليها، وذلك أن ملكه إياها أخص من ملك الولي العام، وسيطرته عليها أخص من سيطرة الولي العام.