مع الإسرار فقد اختلف العلماء في صحته فمنهم من يرى أنه صحيح ومنهم من يتوقف؛ لأن الإشهاد مع الإسرار لا يُستفاد به فائدة كبيرة.
الثالث: أن يكون الإعلان بدون إشهاد يعني: يتزوج إنسان لحضور الولي بدون إشهاد، مثل أن يقول: زوّجتك بنتي، فيقول: قبلت، ثم بعد ذلك يُعلن فقد اختلف العلماء في صحته، والراجح أنه صحيح كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله)، لأن الإعلان أبلغ من الإشهاد المجرد، ثم إن الإعلان تحصل به الشهادة، لأن هذا مما يُعلم بالاستفاضة، بقي أن يخلو من الإعلان والإشهاد فالنكاح لا يصح؛ لأنه فقد به الإشهاد الذي به يثبت النكاح والإعلان الذي به يظهر النكاح، فهذه أربعة أقسام في مسألة الإعلان والإشهاد.
[اشتراط الولي]
٩٣٧ - وعن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لا نكاح إلا بولي». رواه أحمد والأربعة، صححه ابن المديني، والترمذي، وابن حِبان، وأعله بالإرسال.
قوله:«لا نكاح إلا بولي»، النفي هنا ليس نفيًا لوجود النكاح، لماذا؟ لأنه قد يوجد النكاح بلا
ولي، قد تُزّوج المرأة نفسها، فإذا تعذر أن يكون النفي نفيا للوجود يُحمل على نفي الصحة؛ لأن انتفاء الصحة عدم شرعي، وقولنا: في الأول: نفي الوجود، يعني: الوجود الحسي، فالأصل في النفي نفي الوجود الحسي، فإن لم يمكن انتقلنا إلى نفي الوجود الشرعي الذي يعبر عنه العلماء بنفي الصحة، فإن لم يمكن، يعنى: بأن دل الدليل على صحة هذا المنفي صار النفي نفيا للكمال، «لا نكاح إلا بولي» نقول: النفي للوجود؟ لا، لماذا؟ لأنه قد يوجد، قد تُزوج المرأة نفسها بلا ولي، نفي الصحة؟ نعم، نفي الكمال؟ لا، لأنه متى أمكن حمل النفي على نفي الصحة كان ذلك هو الواجب؛ لأنه الأصل في النفي، إذن لا نكاح يصح إلا بولي، أي: