ويشير إلى هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن أبي بكر:"أخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة" بهذا اللفظ في الصحيح، وهذا يدل على أن الحرم ليس مكانًا للإحرام للعمرة؛ ولأنه ما من نسك يطوف فيه الإنسان الكعبة إلا وقد جمع بين الحل والحرم؛ لأن الحج أهل مكة يحرمون من مكة، ولكن لا يطوفون بالبيت حتى يأتوا من الحل، أين الحل؟ عرفة، فلا يمكن لأحد أن يطوف بالبيت طواف نسك إلا وقد قدم إليه من الحل هذه قاعدة، ففي العمرة معروف، وفي الحج لا يطوف طواف الإفاضة إلا بعد الوقوف بعرفة، ولو طاف الإفاضة قبل الوقوف بعرفة ما صح، الآن عرفنا أن الدليل السمعي والنظري يدلان على أن أهل مكة يحرمون للعمرة من الحل من خارج الحرم وهو كذلك.
ومن فوائد الحديث: منقبة عمر رضي الله عنه، وذلك بتوفيقه للصواب، حيث وقت لأهل العراق ذات عرق فوقع توقيته موافقًا لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وقتها لأهل العراق وهو لم يعلم، توقيت ذات عرق من عمر جاءت باعتبارها حذو قرن المنازل، فيستفاد منه فائدة: أن من لم يمر بالميقات فإنه يحرم إذا حاذى الميقات سواء كان من البر أو الجو أو البحر.
هل تكلم العلماء على الطائرات؟ شيخ الإسلام رحمه الله كان يتكلم على أهل الشعوذة الذين يلعبون على الناس بأن الله تعالى يعطيهم كرامات أنهم يكونوا في بلادهم في اليوم الثامن من ذي الحجة ثم يقفون بعرفة ويشاهدون بعرفة، يقول رحمه الله: إن الشياطين تحملهم، ولكن ذكر من جملة ما يفرطون فيه أنهم يحاذون الميقات ولا يحرمون منه لأن الشياطين تطير بهم؛ إذن صار للطائرات أصل في كلام أهل العلم، على كل حال: نحن عندنا -والحمد لله- من سنة عمر اعتبار المحاذاة شرعيًا تثبت به الأحكام الشرعية.
***
[٣ - باب وجوه الإحرام وصفته]
"وجوه" يعني: أنواع الإحرام، "وصفته": كل نوع، الإحرام له ثلاثة أنواع كما سيأتي في الحديث القادم وهو قوله:
٦٩٢ - عن عائشة رضي الله عنها قالت:"خرجنا مع رسول الله صلى لله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهل بعمرة فحل عند قدومه، وأما من أهل بحج، أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر". متفق عليه.