ومن فوائد الحديث: ثبوت الجزية لقوله: "ومن كل حالم دينارًا".
ومن فوائده: أن من هو دون البلوغ لا جزية عليه؛ لأنه ليس أهلًا للقتال فلا يكلَّف الجزية.
وهل نقول من فوائده: أن مقدار الجزية دينار، أو نقول: إن هذا يختلف باختلاف الأحوال؟ الثاني، وهذا هو المعروف، قد تكون في زمن من الأزمان دينارًا وقد تكون دون ذلك بحسب النمو الاقتصادي؛ لأنه إذا كان ضعيفًا فإن تكليفهم بإخراج الدينار فيه مشقة والعكس بالعكس، أما الفقير الذي يعجز عنها فلا شيء عليه.
وظاهر الحديث: أن الجزية ثابتة على كل كافر من كل حالم دينارًا، وأكثر أهل العلم يرون أن الجزية إنما تكون لأهل الكتاب فقط- اليهود والنصارى- وأما غيرهم فالإسلام أو القتال، والصحيح أن الجزية ثابتة لجميع الكفار؛ لحديث بريدة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيشٍ أو سرية ... إلى قوله: أنهم إذا بذلوا الجزية قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاقبل منه وكف عنهم".
فالصحيح: أن الجزية إذا بذلها الكفار فإنه يكف عنهم ولا يلزمون بالإسلام، أما لو امتنعوا من الإسلام ومن الجزية فإنهم يقاتلون، لكن بشرط أن يكون لدينا القدرة على قتالهم، فإن لم يكن لدينا القدرة فإننا لا نلزم بما لا نستطيع، ولهذا لم يفرض القتال على النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن هاجر وكانت له دولة قوية، وأما قبل ذلك فلا يجب.
ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: التيسير على أهل الجزية بأن نأخذ منهم إما ذهبًا، وإما ثيابًا لقوله: "أو عدله معافريًّا".
ومن فوائده أيضًا: جريان التقويم في الأشياء لقوله: "أو عدله معافريًّا"، ولم يقل: أو معافريًّا، بل قال: "عدله"، وقد مرَّ علينا فيما سبق أن من الأشياء ما يقوِّمها الشرع بغير نظر للاجتهاد، ومنها ما يقوِّمه فينظر إلى الاجتهاد.
هذا الحديث وإن اختلفوا في وصله لكن ما فيه من الأحكام متفق عليه.
مشروعية بعث السُّعاة لقبض الزكاة:
٥٧٤ - وعن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم"، رواه أحمد.
- ولأبي داود: "لا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم".
هذا بالنسبة للصدقات التي يبعث إليها السُّعاة- الجباة الذين يأخذون الصدقات- هؤلاء الجباة يجب عليهم أن يذهبوا إلى أمكنة أهل الزكاة لا يجلسون في مكان ويقولون: أحضروا لنا