يقول:" نهى أن يصلي الرجل". والرجل يطلق في الأصل على البالغ كالمرأة على البالغة، وقد يطلق على مجرد الذكورية والأنوثية، وقوله:"مختصرا" فسره بقوله: معناه أن يجعل يده على خاصرته، والخاصرة: ما فوق الحقو تسمى خاصرة، وعلله في حديث البخاري، عن عائشة أن ذلك فعل اليهود، فهل قوله:"الرجل" وصف للاحتراز، أو نقول: هو لقب ليس وصفا، فلا يدل على مفهوم ولكنه علق الحكم بالرجال بناء على أن غالب الخطابات الشرعية تكون للرجال؛ لأن الرجال هم أعظم مسئولية من النساء؟ الثاني هو المتعين، فالمرأة كالرجل في هذا.
فمن فوائد هذا الحديث: النهي عن الاختصار في الصلاة، وهو ما عبر عنه الفقهاء بقولهم:"وتخصره" وهل هذا معلل؟ الجواب: بين في رواية البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنه كان فعل اليهود، فإذا كان فعل اليهود فما مناسبته لباب الخشوع في الصلاة؟ إذا قلنا: إن العلة أنه تشبيه باليهود؛ فالعلة فيه التشبيه، وإذا قلنا: إن العلة في ذلك أنه يدل على أن الإنسان قد سرح قلبه؛ لأن هذه علامة من علامات غفلة القلب، فتكون وجه المناسبة للباب واضحة؛ لأن غفلة القلب تنافي الخشوع.
[النهي عن الصلاة بحضرة طعام]
٢٣٠ - وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب". متفق عليه.
"إذا قدم العشاء" هو: ما يؤكل في العشي، والعشي هو آخر النهار، والغداء ما يؤكل في الغدو، والغدو أول النهار، يقول:"إذا قدم" سواء قدمه الإنسان لنفسه أو قدمته زوجته، أو قدمته أخته، أو أمه، أو الخادم، "العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب".
مثال هذه الصورة: رجل قدم له العشاء وقد أذن للمغرب، فنقول: تعش ثم صل المغرب، والحكمة من هذا: لئلا يشتغل قلبه بالطعام الذي قدم له، واشتغال القلب ينافي الخشوع.
فيستفاد من هذا الحديث فوائد؛ منها: أن العشاء كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر وقت العصر قبل المغرب، وقد كان الناس على هذا برهة من الزمان وإلى عهد قريب، ثم لما صار الناس يشتغلون عن أكل الغداء في أول النهار قلت رغبتهم في العشاء قبل الليل، وصاروا يتعشون بعد صلاة العشاء، فنقول: لو قدر أن أحدا يتعشى قبل صلاة العشاء، قلنا له: إذا قدم العشاء فابدأ به قبل صلاة العشاء.