الحديث قلت به"، إذن ما قال بشيء، لكن فائدته أننا إذا بحثنا عن هذا الحديث وثبت فإنه يكون قولًا له، لكن لا بد من ثبوت أمرين: ثبوت الدلالة وثبوت النسبة، هذا القول الذي قاله الشافعي رحمه الله واجب على كل مؤمن إذا ثبت الدليل أن يكون قائلًا به؛ لقول الله تعالى:{وما كان لمؤمن ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبينًا}[الأحزاب: ٣٦]. وقوله تعالى:{إنما كان قول المؤمنين}[النور: ٥١]. ولقوله تعالى:{يا ايها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}[الأنفال: ٢٤].
المهم: أن الآيات في هذا كثيرة، وأن كل مؤمن يقول بلسانه وقلبه: إذا ثبت هذا الدليل فإنني أقول به، والحديث ثابت عند الإمام أحمد وإسحاق كما سبق لنا في الشرح، وعلى هذا فيكون القول به واجبًا، ودعوى من ادعى أنه منسوخ بحديث: "إن دماءكم ... إلخ" الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أقول: إن هذه الدعوى لا تستقيم؛ لأن من شرط النسخ ألاَّ يمكن الجمع هذا واحدٌ، ومن شرط النسخ أن يُعلم التاريخ بحيث تعلم تأخر الناسخ، وهنا لا نعلم هل الرسول حدَّث بهذا الحديث قبل حجة الوداع أو بعدها، وعلى كل حال فإن الشرط الأول وهو أنه لا يمكن الجمع غير متحقق هنا قطعًا، والشرط الثاني فيه احتمال أن يكون قبل أو بعد.
[شروط الزكاة]
٥٧٧ - وعن عَليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: "إذا كانت لك مائتا درهمٍ وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيءٍ حتَّى يكون لك عشرون دينارًا، وحال عليها الحول، ففيها نصف دينارٍ، فما زاد فبحساب ذلك، وليس في مالٍ زكاةٌ حتَّى يحول عليه الحول". رواه أبو داود، وهو حسنٌ، وقد اختلف في رفعه.
الحديث كما رأيتم في تحسين المؤلف له يقول: إنه حديث حسن، وقد اختلف في رفعه، يعني: اختلف هل هذا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو من كلام علي رضي الله عنه؟ والمعروف عند أهل العلم أنه عند اختلاف الرواة في رفعه ووقفه- وكان الرافع له ثقة- يحكم بالرفع، لماذا؟ لسببين:
أولًا: أن فيه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة.
الثاني: أن الوقف لا ينافي الرفع، فإن الإنسان إذا روى الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يقوله من نفسه من غير أن ينسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لثبوته عنده، أنا الآن ربما أقول إنما الأعمال بالنيات،