١٣٨٧ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريقٍ، فاضطروهم إلى أضيقه». أخرجه مسلم.
«لا»: ناهية "وتبدءوا" أي: تبادروا اليهود والنصارى فتكونوا أول من يبدأ، واليهود هم: الذين يدعون أنهم أتباع موسى، والنصارى هم الذين يدعون أنهم أتباع المسيح، "بالسلام" أي: يقوله: السلام عليكم، «وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه» يعني: إذا قابلوكم في طريق فلا تفسحوا لهم "اضطروهم" أي: ألجؤهم إلى أضيقه، أي: إلى أضيق الطريق، فمثلاً كان الطريق يتسع إلى أربعة أنفار ولقانا أربعة أنفار من هؤلاء لا نتسع لهم، بل نبقى على ما نحن عليه حتى يضطروا هم أن يدخلوا من بيننا واحدًا واحدًا ولا نتفسح لهم؛ لما في ذلك من إكرامهم وإعزازهم ثم استكبارهم واعتلائهم.
الحديث يدل على فوائد: أولاً: أنه ينبغي للإنسان أن يكون عزيزًا بدينه وأعني بذلك المسلم يكون عزيزًا فلا يذل لأحد لأن الدين الإسلامي هو دين الله الذي تعبد به جميع الناس فمن خالفه فقد خالف مراد الله عز وجل شرعًا.
ومن فوائده: النهي عن بداءة اليهود والنصارى بالسلام، وهل غيرهم مثلهم؟
نعم، بل أولى؛ لأن اليهود والنصارى لهم من الحقوق ما ليس لغيرهم من الكفار، فإذا كنا نهينا أن نبدأهم بالسلام فغيرهم من باب أولى فالوثني والشيعوي ومن أشبههم هؤلاء لا يبدؤن بالسلام من باب أولى، وهل نبدأهم بالتحية يعني بدون السلام؟
نقول مثلاً: أهلا وسهلا إذا علمنا أن مراد الشارع بالنهي عن بداءتهم بالسلام ألا نعزهم ولا نكرمهم، قلنا: إذن لا نبدأهم بالتحية، لا نقول: أهلاً وسهلاً ولا مرحبًا، لما في ذلك من إعزازهم ونصرتهم، لكن إن ألجأتك الضرورة إلى ذلك مثل: أن تدخل مكتبًا رئيسه نصراني فلا بأس أن تقول: مرحبًا أو تقول: صباح الخير وتنوي لنفسك وللمسلمين، هذا يكون الإنسان في ضرورة؛ لأن من الناس الآن من هم في شركات رؤساؤها نصارى، ولا يسعه إذا دخل على مكتب رئيس الشركة إلا أن يتكلم، فلا يجوز أن يقول: السلام عليكم؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، وكذلك أيضًا لا يحييه بتحية تؤدي إلى إعزازه وإكرامه، لكن يقول: كلامًا يسلم به من شره ولا يقع فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أنهم إذا سلموا نرد عليهم؛ لأن النهي عن البداءة يدل على أن الرد عليهم جائز، فإذا سلموا فإننا نرد عليهم ولكن ماذا نقول؟