له الدعاء" أي: اجعلوه خاصًّا به، فهو مرادف لقولنا: خصصوه بالدعاء؛ لأن الصلاة إنما أقيمت من أجله، فيكون هو أحق الناس بالدعاء فيها، ويمكن أن يكون الإخلاص بمعنى: الإخلاص لله عز وجل وأن يكون الإنسان في دعوته صادقًا حاضر القلب، فهناك فرق بين دعاء الإنسان المخلص وبين دعاء الغافل اللاهي، وهل يمكن أن يراد الأمران؟ نعم، وبناء على ذلك نستفيد من هذا الحديث أنه لابد أن يخصص الميت بالدعاء، وأن الدعاء العام لا يكفي، ولهذا ذكر العلماء من أركان صلاة الجنازة: أدنى دعاء للميت، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أخلصوا له الدعاء"، الدعاء: اسم مطلق يشمل أي دعاء كان حتى لو دعوت له مرة واحدة، لو قلت: "اللهم اغفر له" لكفى، وعلى هذا فيمكن أن تقتصر في صلاة الجنازة على التكبيرات الأربع والفاتحة واللهم صلِّ على محمد فقط واللهم اغفر له وتسلِّم، ثم قال:
[استحباب الإسراع بالجنازة]
٥٤٢ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحةً فخيرٌ تقدِّمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشرٌّ تضعونه عن رقابكم". متَّفقٌ عليه.
قوله- عليه الصلاة والسلام-: "وأسرعوا بالجنازة"، الإسراع بها يتناول الإسراع في تجهيزها والإسراع في حملها ودفنها، وظاهر الإسراع في حملها من قوله: "إن تك صالحة .... إلخ"؛ لأن الذي يكون على الرقاب هو الحمل، ولكن مر علينا أنه إذا جاءنا لفظ عام ثم فرّع على هذا اللفظ العام حكم خاص فإنه يشمل العام والخاص، ويكون ذكر هذا الحكم المرتب من باب التمثيل مثل: "قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة".
فقوله: بالشُّفعة في كل ما لم يقسم" عام، "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق"، هذا خاص بالأرض؛ لأن الأرض هي التي يكون فيها الحدود وفيها الطرق، لكن في كل ما لم يقسم يشمل حتى السيارة إذا كانت بين شخصين فباع أحدهما نصيبه منها على ثالث فإن للشريك الأول أن يشفِّع، وهذا القول هو الصحيح، وإن كان المشهور من المذهب أنه لا يشفع إلا في الأراضي، لكن الصحيح أنه عام، ومر علينا أيضًا قول بعض أهل العلم في قوله تعالى:{والمطلَّقات يتربصن .... } إلَّى قوله: {وبعولتهن أحقُّ بردهنَّ في ذلك إن أرادوا إصلاحًا}[البقرة: ٢٢٨]. فإن بعض أهل العلم يقول:{والمطلَّقات} يشمل المطلقة ثلاثًا ومن لها رجعة، وقوله:{وبعولتهنَّ} لمن لها رجعة، ولكن هناك آخر أن:{وبعولتهنَّ} عام حتى فيمن