[في بعض الأشياء] تجد أنها زبيبن وهذا يعني: أنها خمر فلا يجوز إمساكها، وقوله:"فإن فضل شيء أهراقه" لئلا يشرب.
فتأخذ من هذا الحديث فوائد: أولًا: جواز اتخاذ الإنسان ما يتلذ به من طعام وشراب لفعل الرسول "كان ينبذ له" وهذا لا شك أنه تلذذ بالطعام والشراب، وهل هذا الأمر محمود أو أمر جائز أو أمر خلاف الأولى؟ الأول أنه أمر محمود إذا أنعم الله عليكم فأنعموا على أنفسكم، فما دام الله قد أحله ولا يعد إسرافًا، فلماذا لا نتبسط بنعمة الله؟ ولهذا قال شيخ الإسلام: من امتنع عن الطيبات بلا عذر شرعي فإنه شيء مذموم، أما لو امتنع لعذر شرعي فهذا شيء آخر، أما بدون عذر شرعي فإن الامتناع عما أحل الله لك من الأمور المذمومة، احمد الله عز وجل حيث أنعم عليك فانعم على نفسك، وهذا سيد الزهاد وأهل الورع محمد صلى الله عليه وسلم كان يتخذ النبيذ.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يشرب النبيذ بعد ثلاثة أيام، وهذا كان احتمال أن يكون خمرًا وإلا فلا بأس.
ومن فوائد الحديث: مشروعية إراقة الخمر؛ لأن النببي صلى الله عليه وسلم كان يهراق النيذ بعد ثلاثة أيام، ولأن إمساكها لافائدة منه لأنها الآن حرام، فهل نقول: إن كانت لا تستعمل إلا للسكر وجبت إراقتها: وإن كانت تستعمل لغير السكر فهذا محل نظر؛ لأنك إن نظرت إلى قوله تعالى:{فاجتنبوه} قلت: هذا يدل على وجوب اجتناب كل ما يمكن أن يكون مسكرًا، وإن نظرنا إلى التعليل {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر}[المائدة: ٩١].
قلنا: هذا فيمن اتخذه من أجل الشرب؛ لأن هذ هو الذي يكون فيه العداوة والبغضاء، ولذلك أنا لا أحرمه- يعني: هذا الكحول- ولا أستعمله إلا عند الحاجة كتعقيم جرح أو شبهه، وقد سبق لنا البحث هل الخمر نجس أو ليس بنجس، وبيَّنا أن الصحيح أنه ليس بنجس وأنه لا دليل على نجاسته.
[حكم التداوي بالمحرم]
١٢٠١ - وعن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله لم يجعل شفعاءكم فيما حرم عليكم". أخرجه البيهقيُّ، وصححه ابن حبان.
"الجعل" ينقسم إلى قسمين: جعل شرعي، وجعل قدري، والجعل هنا فى هذا الحديث جعل قدري، والجعل فى قوله تعالى:{ما جعل الله من بحيرة ولا سآبٍه ولا وصيله ولاحام}