٤٣ - وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:"أن النبي صلى الل عليه وسلم توضأ، فمسح بناصيته، وعلى العمامة والخفين". أخرجه مسلم.
قوله رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ" الظاهر أن هذا حين كان معه في غزوة تبوك، فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام- قد خدمه المغيرة بن شعبة في تلك الغزوة، وقوله:"فمسح بناصيته" الناصية: مقدم الرأس كما قال الله تعالى: {ما من دابة إلا هو ءاخذ بناصيتها}[هود: ٥٦]. "وعلى العمامة" التي على الرأس، "وعلى الخفين" وهما معروفان.
ففي هذا الحديث: جواز المسح على العمامة لقوله: "وعلى العمامة" وفيها مباحث.
المبحث الأول: هل يشترط لهذه العمامة أن تكون على صفة معينة، أو نقول: كل ما صدق عليه اسم العمامة فإنه يمسح؟ في هذا قولان.
القول الأول: أنه يشترط أن تكون العمامة محنكة، أو ذات ذؤابة، أما كونها محنكة فمعناه: أن يوضع لفة منها تحت الحنك حتى تثبت، وأما كونها ذات ذؤابة: فأن ترخى إحدى ذؤابتيها من الخلف، حتى تنسدل على الظهر.
القول الثاني: من العلماء من قال: إن هذا ليس بشرط، وهذا الثاني هـ الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو أن كل ما يطلق عليه اسم العمامة فهو داخل في هذا.
المبحث الثاني: هل يشترط أن تكون طاهرة؟ الجواب: نعم، لا شك في هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم "أتاه جبريل وهو يصلي وأخبره أن في نعليه قذرا فخلعهما - عليه الصلاة والسلام-"، وإذا كان هذا شرطا في الخفين فالعمامة مثلهما أو أولى.
المبحث الثاني: وهل يشترط أن تكون مباحة بحيث لا يصح المسح على العمامة المسروقة أو مقبوضة بعقد فاسد؟ قولان:
الأول: أنه لابد أن تكون مباحة، وذلك لأن المسح عليها رخصة، والرخصة لا ينبغي أن تباح بالمعصية.
والقول الثاني: أن ذلك ليس بشرط، وأنه يجوز أن يمسح الإنسان على العمامة المحرمة كالمسروقة، والمقبوضة بعقد فاسد، والحرير على الرجل، ولكن الإنسان إذا نظر إلى التعليل