للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «أخرج له شاهد ضعيفًا عن ابن عباس»، من الذي أخرج؟ الحاكم؛ لأن الضمير يعود على أقرب مذكور، والعلماء يقولون - في المصطلح -: هنا ثلاثة أشياء: أولاً: شاهد، والثاني: متابع، والثالث: اعتبار الشاهد، هو أن يروي حديثًا بمعناه من طريق آخر فهنا الحديث الأول عن صفوان، والثاني عن ابن عباس، إذن نقول: هذا شاهد، والمتابع أن يتابع الضعيف راو آخر في الأخذ عن شيخه مثل أن يكون هذا الحديث روي من طريق أحد رجاله ضعيف لكن جاء من طريق آخر يوافق هذا الضعيف في شيخه، فهنا نقول: هذا الضعيف وجد له متابع في شيخه فيقوى الحديث هنا؛ لأن جانب الضعيف قوي بالمتابع الذي تابعه في الأخذ عن الشيخ، أما الاعتبار فهو أن يتبع الإنسان طرق الحديث إذا كان فيه راوٍ ضعيف يتبع طرقه لعله يجد متابعًا أو يتبع جميع المسانيد لعله يجد شاهدًا، واعلم أننا لا نحتاج إلى المتابع ولا إلى الشاهد فيما إذا كان السند صحيحًا؛ لأن المتابعات والشواهد إنما نحتاج إليها لتقوية الضعيف، فإذا استغنينا عنه فلا حاجة إلى طلب المتابع والشاهد، وحينئذٍ لا حاجة إلى التتبع لأنه مضيعة وقت، ولكن يجب أن نعلم أن الشاهد إذا كان الضعيفان على وجه لا ينجبر بالشاهد - يعني: كل م الحديثين المرويين من طريقين ضعيف للغاية - مثل: أن يكون كل من الراويين عن هذا الشيخ معروفين بالكذب، الضعف هنا شديد هذا لو يأتي ألف واحد يتابعون في هذا الشيخ الثقة فإننا لا نقبل، لماذا؟ لأن الضعف شديد وإذا كان الضعف شديدًا فإن الحديث لا يتقوى بالمتابع ولا بالشاهد، لكن إذا كان الضعف يسيرًا فإنه يقوى حتى يصل إلى درجة الحسن لكن الحسن لغيره.

****

[١٢ - باب الغصب]

"الغصب" مصدر: غصب يغصب، وهو أخذ الشيء قهرًا، وفي الاصطلاح: الاستيلاء على مال الغير قهرًا بغير حق، فخرج بقولنا: "الاستيلاء على مال الغير" ما لو استولى الإنسان على ماله من غيره قهرًا مثل أن يجد المسروق منه ماله عند السارق فيأخذه منه قهرًا، فهذا ليس بغصب؛ لأنه استولى على ملكه لا على ملك غيره، وخرج بقولنا: "قهرًا" السرقة، فإن السرقة يستولي السارق فيها على مال الغير خلسة بدون أن يشعر، وخرج بقولنا: "بغير حق" ما لو استولى على مال غيره بحق كالاستيلاء على المرهون فيباع من أجل مصلحة الغريم، فهنا يستولي القاضي على هذا المال المرهون لبيعه قهرًا على صاحبه لكن هذا بحق فلا يسمى عصبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>