للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاحتلام وأحكامه]

١٠٣ - وعن أنس رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل- قال: تغتسل". متفق عليه.

- زاد مسلم: فقالت أم سلمة: "وهل يكون هذا؟ قال: نعم، فمن أين يكون الشبه؟ ".

قوله: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل" هذا الحديث نقله المؤلف بالمعنى وأصله: أن أم سليم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتملت؟ " فتأمل هذا الأدب الرفيع من هذه المرأة؛ حيث خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم وقدمت لخطابها ما يقيم لها العذر، وهو قولها: "إن الله لا يستحي من الحق"، فأجابها النبي - عليه الصلاة والسلام-: "بأنها تغتسل إذا رات الماء"، والمؤلف رحمه الله نقص هذه العبارة مع أنها مهمة وضرورة، فالمرأة ترى في المنام أن أحدا يجامعها فهل تغتسل أو لا؟ كذلك الرجل يرى في المنام أنه يجامع امرأة، فهل يغتسل أم لا؟ حدد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بحد بين واضح قال: "نعم، إذارأت الماء" يعني: رأت الماء الذي هو الجنابة؛ أي: المني فتغتسل.

زاد مسلم: فقالت أم سلمة وهي إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم: "وهل يكون هذا؟ " قال: نعم، فمن أين يكون الشبه؟ " يعني: هل المرأة لها ماء كماء الرجل؟ قال: "نعم ثم أتى بدليل حسي واقعي: وهو الشبه، فإن الإنسان يشابه أمه ويشابه أباه، فقال الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "فمن أين يكون الشبه؟ " لولا أن ماء الرجل يخالط ماء المرأة ما كان هناك شبه للطفل بأمه.

فالحديث فيه فوائد منها: الأدب العالي للصحابة - رضي الله عنهم- وذلك يتمثل في قول أم سليم: "إن الله لا يستحي من الحق".

ومنها: وصف الله تعالى بالحياء لقولها: "لا يستحي من الحق"، ولو كان الحياء ممتنعا على الله لامتنع عليه الحياء مطلقا من حق وغير حق، فلما نفى أن يستحي من الحق دل على أنه تعالى يستحي من غيره، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة أن الله يوصف بالحياء، وهو صفة حقيقية ثابتة لله على الوجه اللائق به، وليس كحيائنا نحن، بل بينه وبين حيائنا كما بين الإنسان وذات الله عز وجل، فهو لا يشبه حياء المخلوقين، وبهذا الطريق وعلى هذا الأساس نسلم من كل شبهة، وتطمئن قلوبنا أيضا؛ لأن مذهب أهل السنة - والحمد لله- هين سهل، فيه براءة للذمة، وفيه إعمال للنصوص كلها، فنحن نثبت الحياء لله على وجه يليق به ولا يشبه حياء المخلوقين، وقد ثبت عن النبي - عليه الصلاة والسلام- وصف الحياء إثباتا لا نقيا؛ حيث قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>