للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز أن تشتري من المسافر، ولذلك يبعد أن يبيعوا على هذا المتلقي؛ لأنهم سيقولون: إن سفرنا إلى الرياض اللهم إلا إذا احتاجوا إلى دراهم في طريقهم، فإنه في هذه الحال قد يبيعون.

ما تقولون في رجل خرج يتمشى خارج البلد وإذا هو بقوم معهم جلب هل يجوز أن يشتري منهم؟ لا يجوز، لأن أصل النهي عن الشراء والتلقي وسيلة.

[بيع الرجل على بيع أخيه المسلم]

٧٧٦ - وعنه رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يبيع الرَّجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة أختها لتكفأ ما في إنائها". متَّفق عليه.

-ولمسلم: "لا يسوم المسلم على سوم المسلم".

قوله: "حاضر لباد" سبق الكلام عليه، وقوله: "ولا تناجشوا" أيضًا سبق الكلام عليه، قوله: "ولا يبيع الرجل على بيع أخيه"، كلمة "الرجل" لم تذكر للتقييد ولكن ذكرت للغالب، وإذا كان الشيء ذكر للغالب فإنه لا مفهوم له، كل قيد ذكر بناء على الغالب فإنه ليس له مفهوم.

وقوله: "لا يبيع الرجل" روي بوجهين: "لا يبع الرجل"، والثاني: "لا يبيع الرجل"، أما "لا يبع الرجل" فلا إشكال فيه؛ لأن "لا" ناهية، و"يبع" فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، ولكنه حرِّك بالكسر لالتقاء الساكنين، وأما "لا يبيع الرجل" بالرفع ففيه إشكال وهو أن "لا" نافية فهل النفي يفيد النهي؟ الجواب: نعم، قد يكون نفيًا ويراد به النهي فتكون الجملة خبية إنشائية، خبرية باعتبار اللفظ إنشائية باعتبار المعنى؛ لأنها خبر يراد به النهي؛ قال أهل العلم: وكما يجئ الخبر في موضع النهي يجئ الطلب في موضع الخبر، ومثلوا لذلك بقوله تعالى: } وقال الذين كفروا للذين ءامنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطبكم {[العنكبوت: ١٢]. فإن اللام للأمر، ولكن المراد: الخبر؛ لأن المعنى: ونحن نحمل خطاياكم، الكلام على أن "يبيع" فيها وجهان: "لا يبع" و"لا يبيع"، "الرجل" قيد بالرجولة بناء على الأغلب.

"على بيع أخيه"، أخيه في النسب؟ لا أخيه في الإنسانية؟ لا أخيه في الدين؟ نعم؛ لأن الأخوة الإنسانية غير مفصودة شرعًا، وليس بين الناس أخوة إنسانية، ولكن بينهم جنسية إنسانية؛ يعني: أن الكافر من جنس المسلم في الإنسانية، لكن ليس أخاه، ألم تروا إلى نوح قال: } فقال رب إنَّ ابني منَّ أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحكمين فقال تعالى: } قال ينوح إنه ليس من أهلك {[هود: ٤٥، ٤٦]. مع أنه ابنه، ومن زعم أن هناك أخوة إنسانية بين البشر فقد أبعد النَّعجة؛ لأن الأخوة إما دينية كما في قوله: } فإخوانكم في الدين {[التوبة: ١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>