ومثلها الأخوة الإيمانية كما في قوله: } إنما المؤمنون إخوة {[الحجرات: ١٠]. وإما أخوة في النسب كقوله تعالى: } وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذَّكر مثل حظ الأنثيين {[النساء: ١٧٦]. وقوله: } وإلى مدين أخاهم شعيبًا {[الأعراف: ٨٥]. وأما قوله: } كذب أصحب لئيكة المرسلين (١٧٦) إذ قال لهم شعيب {[الشعراء: ١٧٦، ١٧٧]. ولم يقل: أخوهم؛ لأن أصحاب الأيكة غير مدين، بل هم قوم آخرين، إما تابعون لهم أو مستقلون، المهم أن شعيبا ليس منهم؛ ولهذا لم يقل: إذ قال لهم أخوهم شعيب، بل قال: } إذا قال لهم شعيب {. إذن "على بيع أخيه" يعني: في الدين والإيمان، صورة ذلك: أن يشتري شخص من إنسان سلعة بعشرة ثم يأتيه آخر، ويقول: أعطيك مثلها بتسعة هذه بيع على بيع، أو يقول: أعطيك أحسن منها بعشرة هذا بيع على بيع، ما نقص الثمن، لكن أفضل منها، اختلفت صفة المبيع، هذا بيع على بيع فهذا حرام، وإذا فعل فالبيع باطل لورود النهي عنه بعينه، وكل عقد أو عبادة ورد النهي عنها بعينها فهي باطلة ولا يمكن تصحيحها؛ لأن تصحيحها جمع بين الضدين.
هل البيع حرام سواء كان ذلك في مدة الخيار أو بعد انتهاء مدة الخيار؟ في ذلك خلاف؛ فبعض العلماء يقول: إن النهي خاص فيما إذا كان ذلك في زمن الخيارين: خيار المجلس أو خيار الشرط، ومن العلماء من قال: إنه عام فمن قال بالأول قال: إن علة النهي: لئلا يفسخ البيع ويعقد مع الثاني، فيكون في ذلك حسد على البائع الأول، مثاله: باع زيد على عمرو بيتًا بمائة ألف ريال واشترط الخيار لمدة أسبوع فعلم بكر بالعقد فذهب إلى عمرو وقال: اشتريت بيت فلان بمائة ألف، وقال بكر: لك عندي بيت أحسن منه بثمانين ألف، فذهب فرأى بيته أحسن والثمن أقل، فذهب عمرو إلى زيد وقال: إني رجعت، هل له ذلك؟
له ذلك؛ لأنه في زمن الخيار، زمن خيار المجلس، مثاله: باع زيد على عمرو بيته بمائة ألف ريال وهما جالسان فسمع شخص بذلك فجاء إليهم وهم جلوس وقال: يا فلان، أنا أعطيك بيتي بثمانين ألف ريال، وهي أحسن من فلَّة فلان، قال: إذن رجعت، هذا في زمن خيار المجلس، والأول في زمن خيار الشرط، سيكون بين زيد وبين هذا الداخل عداوة، وسب وشتم، لماذا تفعل أنت مثل الشيطان أنت حسود، ويمكن تصل إلى الضرب، أو تصل إلى السلاح؛ ولهذا نهى الشارع عنه، إذا كان بغرر من الخيارين يعني: بعد أن اشترى الرجل من عمرو البيت وتفرقا ولزم البيع جاء شخص آخر وقال: أنا أبيع عليك بيتًا أحسن منه بثمانين ألفًا فلان غالطك هل يمكن أن يرجع ويفسخ البيع؟ لا، لماذا؟ لأنه انتهى زمن الخيار، ولكن سيكون في قلب المشتري ندم وحسرة ويقول: يا ليتني ما تعجلت، وسيكون في قلبه أيضًا حقد وغل على البائع خدعني غلبني.
والقول الثاني في المسألة يقول: حتى بعد زمن الخيارين، ويرون أن العلة في ذلك هو إيقاع الندم في قلب المشتري، والثاني إلقاء العداوة بينه وبين البائع، ثالثًا: ربما يتحيل فيبحث عن سبب