للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا يسمى سفرًا في العرف فخاطبه بما يراه في ذلك الوقت، ثم لو كان هذا مرفوعًا فمما يضعف حكم الرفع أنه لو كان كذلك لكان نقله أمرًا مشهورًا معلومًا لدعوة الحاجة إلى بيانه هذا من أشد الأمور حاجة إلى بيانه إذ إنه فيصل بين ما يمكن أن يقصر فيه وبين ما لا يمكن أن يقصر فيه، وهذا لا يمكن أن يغفله الرسول- عليه الصلاة والسلام- حتى يأتي ابن عباس فيقول ذلك.

٤١٨ - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي الذّين إذا أساءوا استغفروا، وإذا سافروا قصروا وأفطروا"، أخرجه الطبراني في الأوسط بإسناد ضعيف، وهو من مرسل سعيد بن المسيب عند البيهقي مختصرًا.

هذا الحديث- كما رأيتم- ضعيف، لكن معناه صحيح، فإن خير الناس من إذا أساء استغفر، كما قال الله تعالى في وصف المتقين: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} [آل عمران: ١٣٥].

[صلاة المريض وكيفيتها]

٤١٩ - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: "كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صلّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، وإن لم تستطع فعلى جنب". رواه البخاريّ.

قوله: "كانت بي بواسير" البواسير: جمع باسور، فيها- أي: في البواسير- صيغة منتهى الجموع؛ لأنها على وزن "فواعيل"، والبواسير جمع باسور كما قلت، وهو داء في المقعدة، وهناك داء آخر يسمى ناسورًا، وكلاهما داءان في المقعدة، والبواسير كانت بالأول من الأمراض المؤلمة المزمنة؛ لأنه قطعها ليس بالأمر السهل، ولهذا تجدون في كتب أهل العلم هل يجوز للإنسان أن يقطع البواسير، أو يحرم عليه أن يقطعها؟ قال بعضهم: إنه يحرم عليه قطعها؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى نزيف الدم حتى يموت، هل هذا القول يرد في وقتنا الحاضر؟ لا، لأن هذا الخوف الذي رتب عليه الحكم مأمون والحمد لله.

وقوله: "سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة" يعني: كيف أصنع فيها؛ لأن الصحابة- رضي الله عنهم- كانوا حريصين على العلم، فأشكل عليه ماذا يصنع مع المشقة والألم، فقال له الرسول- عليه الصلاة والسلام-: "صلِّ قائمًا" "صلّ" فعل أمر وهو للإرشاد، لكنه للوجوب، يعني: يرشده إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>