الصفة الواجبة، والدليل قوله:"فإن لم تستطع" واعلم أن الأمر الوارد في جواب السؤال إن كان المسئول عنه شيئًا واجبًا فهو للواجب، وإن لم يكن شيئًا واجبًا فهو للإرشاد، قال الصحابة: كيف نصلي عليك، قال: قولوا: اللَّهم صلِّ على محمد ... ". هل تجب هذه الصيغة، أو لو صلى بغيرها أجزأ؟ لو صلى بغيرها أجزأ، لأنه لم يجب عن أمر واجب، ولكن سألوا عن الكيفية، فقال: كيفيتها كذا وكذا، هذه "صلّ قائمًا" نقول: مثل هذه للإرشاد، لكن قوله: "فإن لم تستطع" يدل على أن الإرشاد إلى الكيفية أنه إرشاد إلى كيفية واجبة، "صل قائمًا" "قائمًا" حال من فاعل "صلّ" يعني: صلّ حال كونك قائمًان وقوله: "قائمًا" يشمل ما إذا كان قائمًا بدون اعتماد، أو قائمًا معتمدًا، فلو فُرض أن هذا الرجل لا يستطيع أن يقف قائمًا بدون اعتماد ويستطيع أن يقوم باعتماد على عصا، أو على عمود، أو على جدار، فإنه يلزمه القيام.
وقوله: "فإن لم تستطع" هل المراد: العجز مطلقًا بحيث تكون رجلاه ميتتين مثلًا أو يكون زمنًا، أو أن المراد: "إن لم تستطع" يعني: ما تقدر إلا بمشقة؟ الظاهر الأخير؛ لأن البواسير من المعروف أن المصاب بها ليس بعاجز عن القيام لكن يشق عليه، وضابط المشقة التي يسقط بها القيام ما هو؟ ضابطها أقرب شيء أنها ما يزول بها الخشوع، يعني: لا يحضر قلبه لأنه متعب فيشق عليه، هذا أحسن ما قيل فيها، وإلا لو قلنا: إن المشقة المطلقة أو مطلق المشقة ليس عندنا ضابط، لكن نقول: المشقة التي تذهب الخشوع.
"فإن لم تستطع فقاعدًا" أي: فصل قاعدًا، ولم يبين الرسول- عليه الصلاة والسلام- كيف يقعد، لكن في آخر حديث في الباب حديث عائشة: "كان النبي- عليه الصلاة والسلام- يصلي متربعًا، فعلى هذا يكون هذا القعود متربعًا، ويكون متربعًا في حال القيام، وفي حال الركوع، قيل: يفترش، وقيل: يتربع يبقى على تربعه، وهذا القول الثاني هو الصحيح، أنه في حال الركوع يبقى متربعًا، كيف يركع؟ يركع بالإيماء، فيومئ أي: يخفض ظهره، قال العلماء: حتى يقابل ما وراء ركبتيه أدنى مقابلة وتتمتها الكمال بحيث يكون وجهه كله خارج حدود الركبتين، في السجود ماذا يفعل؟ إن كان لا يستطيع يسجد، وفي الجلوس بين السجدتين يجلس كالعادة مفترشًا، هذا معنى قوله:"صلِّ قاعدًا"، فإن لم يستطع السجود لأثر في رأسه أو في عينه، أو ما أشبه ذلك فماذا يفعل؟ يومي بالسجود أيضًا ويجعل السجود أخفض من الركوع، ولكن هل يجب عليه أن يسجد على بقية الأعضاء إذا عجز بالجبهة؟ قال بعض العلماء: إذا عجز بالجبهة سقط ما سواها، لأنها هي الأصل، فعلى هذا ما يجب عليه يسجد لا على كبتيه ولا على أطراف القدمين ولا على الكفين ما دام عجزت الجبهة، مثل: أن يكون في الجبهة جروح لا يستطيع أن يسجد عليها، نقول: يومئ إيماء، والصحيح أن العجز بالجبهة لا يسقط ما سواها،