٤٨٧ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبرٍ، فوضع له بالمصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، فخرج حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله، ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت علينا قوةً وبلاغًا إلى حينٍ، ثم رفع يديه، فلم يزل حتى رئي بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله تعالى سحابةً، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت". رواه أبو داود وقال: غريب، وإسناده جيد.
"شكا" الشكاية معناها: رفع الشكوى، والشكوى هي: ذكر ما يتألم به الإنسان لمن يزيله مثل: الرجل يشكو إليك الفقر معناه يذكر لك هذا الفقر من أجل أن تزيله سواء أزلته بنفسك أو أزلته بوسيلة، الناس رفعوا إلى الرسول- عليه الصلاة والسلام- ما حل بهم لأجل أن يزيل هذا ليس بنفسه، ولكن بواسطة دعائه، وقولها:"قحوط المطر" قحوط هو: فحط مصدر قحط يقحط أو يقحط بمعنى: انحبس وامتنع، والمعنى: أن المطر تأخر واحتبس فشكوا للنبي صلى الله عليه وسلم.
قالت:"فأمر بمنبر فوضع له بالمصلى"، المنبر مأخوذ من النبر وهو الارتفاع، وكل شيء مرتفع بالمعنى العام منبر، لكن المراد به هنا: المنبر الذي يصنع، والظاهر أنه صنع من خشب، وقولها:"بالمصلى" المراد به: مصلى العيد.
"ووعد الناس يومًا يخرجون فيه"، ولم يعين أيوم الاثنين أو الخميس أو الأربعاء، لم يعين يومًا، لكن المهم: أن يعين ذلك اليوم للناس لأجل أن يستعدوا له ويخرجوا.
"فخرج حين بدا" أي: ظهر وبدأ بالهمزة بمعنى ارتفع وشرع في الشيء {والله يعلم ما تبدون وما تكتمون}[المائدة: ٩٩]. يعني: ما تظهرون، إذن بدا بمعنى: ظهر. وقوله:"حاجب الشمس" قالوا: إنه ضوء الشمس، فسمي ضوؤها حاجبًا؛ لأنه يحجب قرصها عن النظر هكذا ذكره في القاموس، فيكون حاجب هنا بمعنى الضوء، وإن كان يتبادر إلى الذهن أن المراد بحاجب الشمس: قرصها، وأن الحاجب بمعنى محجوب، أي: بدا محجوبها بالأفق وظهر، ولكن الذي في القاموس: أن الحاجب هو الضوء وهذا يقتضي أن الشمس ارتفعت حتى صار لها شعاع يمنع من رؤية قرصها.