مسكين ... } الآيات [المائدة: ٨٩]. فما هي التي لا يقصدها؟ هي التي تأتي في مجرى الكلام بلا قصد مثل أن يقال له: أتذهب إلى فلان؟ يقول: لا والله ما أنا ذاهبا ثم يذهب فهذا ليس فيه الكفارة؛ لماذا؟ لأنه لم يقصد عقدها وهذه تقع كثيرا، تقول المرأة أو الأب لابنه مثلا: والله لئن خرجت إلى السوق لأكسرن رجليك هذه لم يقصد عقدها؛ لأنه لا يكسر رجليه فهذه من لغو اليمين.
وأما قوله:«ممكن» فضد الممكن المستحيل، والمستحيل إذا حلف على إيجاده فقد اختلف العلماء فيه: هل عليه كفارة في الحال؟ لأننا نعلم أنه لا يمكن أن يوجده أو ليس عليه شيء؛ لأن هذا من باب اللغو والهذيان، مثل أن يقول: والله لأبنين بيتا في القمر هذا مستحيل، فهل تقول: إن عليك الكفارة من الآن؛ لأنك لا يمكن أن تصل أن تصل إلى هذا، أو نقول: إن هذا كلام لغو وهذيان فليس فيه كفارة؟ فيه خلاف، بعضهم يقول كذا، وبعضهم يقول كذا، ولو ألزمناه بالكفارة تأديبا له عن هذا الكلام اللغو لكان حسنا؛ يعني: من باب الأديب.
[الحلف بغير الله]
١٣٠٦ - عن ابن عمر رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب، وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ألا إن ينهاكم أن تحلفوا بابائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت». متفق عليه.
أدركه «في ركب» يعني: أنه في سفر، وتعيين هذا السفر أو الركب أو كيف قابلهم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ كل هذا من الأمور التي ليست بذات أهمية، المقصود: فهم القضية وما يترتب عليها من أحكام.
يقول:«وعمر يحلف بأبيه»؛ لأنهم كانوا يعتادون هذا في الجاهلية ومشوا عليه، وهذا هو الأصل أن الإنسان يبقى على ما كان عليه، حتى يدل الدليل بالوجوب أو التحريم أو ما أشبه ذلك، وكذلك يقول:«فناداهم» أي: كلمهم بصوت مرتفع؛ لأن النداء للبعيد يكون بصوت مرتفع، على أن الله ينهاهم، أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجملة بمؤكدين: المؤكد الأول: «ألا»؛ لأنها أداة استفتاح يقصد بها تنبيه المخاطب على ما يرد عليه، والمؤكد الثاني:«إن»، «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بابائكم»، والنهي: هو طلب الكف على وجه الاستعلاء، والصيغة التي أوحاها الله تعالى إلى رسوله في هذا لا نعلمها، لكن نعلم المعنى وهو: أن الله تعالى ينهانا أن نحلف بآبائنا، والآباء جمع أب يشمل الأب والجد لأن الجد يسمى أبا كما في القرآن الكريم.