٢٤ - وعن عمرو بن خارجة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وهو على راحلته، ولعابها يسيل على كتفي. أخرجه أحمد، والترمذي وصححه.
"خطبنا" الخطبة: هي التذكير بالأحكام الشرعية، وغالبا ما تكون بانفعال وتأثير، وقد لا تكون كذلك، لكن في الغالب هو هذا.
وقوله:"في منى" كان ذلك يوم العيد، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد ويوم الثاني عشر، يوم العيد خطبهم يعلمهم كيف يرمون الجمرات، وكيف يطوفون، وكيف يسعون، وفي اليوم الثاني عشر علمهم ماذا يصنعون إذا أرادوا أن يتعجلوا؛ لأن في اليوم الثاني عشر ينتهي الحج لمن أراد أن يتعجل، وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أن يخطب الناس إما خطبة راتبة وإما خطبة عارضة، فالخطبة الراتبة كخطب الجمعة والعيدين والاستسقاء، واختلف العلماء في خطبة صلاة الكسوف، والصواب أنها خطبة راتبة، وأنه يسن عقب كل صلاة كسوف خطبة. وتكون خطبه صلى الله عليه وسلم - أحيانا- عارضة، وذلك إذا وجد ما يستدعى أن يتكلم، ويخطب الناس - عليه الصلاة والسلام- كما في قصة بريرة التي اشترتها عائشة واشترط أهلها أن يكون الولاء لهم، فقال الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "خذيها واشترطي لهم الولاء"، ثم خطب الناس وقال:"ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، فقضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق".
وفي الحج خطب في عرفة وفي منى، فهل هذه الخطبة راتبة أو عارضة؟ فيه احتمال، لكن ليست خطبة الجمعة، ور يقال: إن الرسول - عليه الصلاة والسلام- خطب في عرفة خطبة الجمعة، وإن كان ذلك اليوم هو يوم الجمعة لكنها ليست خطبة الجمعة؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام- خطب قبل الأذان ولأنه خطب خطبة واحدة، ولو كانت يوم الجمعة لكانت خطبتين، ولأن حديث جابر يقول:"ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر"، فصرح بأنها الظهر وليست الجمعة، وأيضا لو كانت الجمعة ما جمع إليها أصلا؛ لأن العصر لا يجمع إلى الجمعة، فالمهم أن هناك قرائن كثيرة تدل على أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ليست خطبة الجمعة.