النبي صلى الله عليه وسلم لم يقنت في الفرائض إلا بسبب، لم يجعل القنوت في الفرائض لا في الصبح ولا في غيره سنة مطلقة.
[حكم تقديم اليدين قبل الركبتين للسجود]
٢٩٨ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه". أخره الثلاثة.
- وهو أقوى من حديث وائل بن حجر:"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه". أخرجه الأربعة.
فإن للأول شاهدًا من حديث ابن عمر رضي الله عنه صححه ابن خزيمة، وذكره البخاري معلقًا موقوفًا.
"لا يبرك كما يبرك البعير"، يعني: لا يضع يديه قبل ركبتيه، لأن البعير إذا برك قدم يديه قبل ركبتيه وهذا مشاهد، ثم قال:"وليضع يديه قبل ركبتيه"، والمراد باليدين هنا: الكفان؛ لأن اليد إذا أطلقت فهي الكف كما في قوله تعالى:{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالًا من الله والله عزيز حكيم}[المائدة: ٣٨]. والمراد: الأكف، وقال عز وجل في التيمم:{فامسحوا بوجوهكم وأيدكم منه}[المائدة: ٦]. والمراد: الكفان فقط، فيكون قوله:"وليضع يديه" يعني: الكفين، "قبل ركبتيه" فينحني قبل أن يصل إلى الأرض، هذا مدلول الحديث.
فيؤخذ منه: أنه يشرع للمرء إذا أراد السجود أن يقدم يديه ثم ركبتيه لئلا يتشبه بالبعير لو قدم الركبتين، لأن البعير إذا برك يبرك على ركبتيه كما هو مشاهد.
ومن فوائده أيضًا: التفصيل بعد الإجمال، حيث قال:"فلا يبرك كما يبرك البعير"، ثم قال:"وليضع" وهذا من حسن التعليم لأن الإنسان يجمل ثم يفصل؛ لأنه إذا ورد النص مجملًا تطلعت النفس إلى معرفته، فإذا جاء التفصيل صار واردًا على محلٍ قابل، بل متطلع له، ولكن عند التأمل يتبين أن الحديث متناقض، لأن قوله:"فلا يبرك كما يبرك البعير" ثم قال: "وليضع يديه" متناقضان؛ لأن المعروف أن البعير إذا أراد أن يبرك يضع يديه أولًا ثم يبرك، ولهذا قال ابن القيم رضي الله عنه: إن آخر الحديث منقلب على الراوي، والراوي بشر يخطئ ويصيب، وأن صواب العبارة الأخيرة:"وليضع ركبتيه قبل يديه" وما قاله رضي الله عنه متجه.