للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مخالفة الطريق والتكبير في الطريق]

٤٧٢ - وغن جابر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم العيد خالف الطَّريق". أخرجه البخاريُّ.

٤٧٣ - ولأبي داود: عن ابن عمر نحوه.

"خالف الطريق" في ماذا؟ يعني مثلًا: إذا خرج إلى صلاة الظهر من طريق رجع من طريق آخر، إذا خرج ليشتري شيتا خرج من طريق ورجع من طريق آخر؟ لا، ولكن يفعل ذلك في الخروج إلى الصلاة خاصة ليس في كل شيء، يعني: ليس كل خروجه يوم العيد يكون فيه مخالفة، إنَّما المخالفة في صلاة العيد فقط، وهذا فعل من أفعال الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وقد سبق لنا قاعدة أفعال الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وأنه إذا كان الفعل مجردًا عن القرينة ويظهر فيه التعبد صار مستحبا فقط وليس بواجب.

وعليه فنقول: يستخب الاقتداء بالنبي - عليه الصلاة والسلام - في يوم العيد إذا خرج من طريق أن يرجع من طريق آخر، فإن قلت: ألا يجوز أن يكون هذا من باب الاتفاق وليس من باب القصد؟ نقول: لا، ليس هذا اتفاقًا، لو كان من باب الاتفاق لكان الأغلب أن يكون الاتفاق من طريق واحد، بأ، يكون الطريق الذي جاء منه هو الذي يرجع منه، لكن لمَّا كان يخالف علم أنه مقصود.

فما هي الحكمة في المخالفة؟ قال بعض العلماء: الحكمة لأجل أن تشهد له الطريقان يوم القيامة أنه خرج فصلى، لأن الله يقول عن الأرض: {يؤمئذٍ تحدث أخبارها} [الزلزلة: ٤]. تشهد بما عمل عليها من خير وشر، فتكثر البقاع التي تشهد له يوم القيامة، هذا قول.

وقيل: الحكمة أن العيد من الشعائر الظاهرة، فكان من الأنسب أن تخالف فيه الطرق ليكون ذلك أظهر؛ لأنه إذا جاء من طريق ثم رجع من آخر ظهرت هذه الشعيرة في الطريقين بخلاف ما إذا كان من طريق واحد.

وقال بعض أهل العلم: إنما فعل ذلك إغاظة للمنافقين؛ لأن الناس ليسوا يقصدون كلهم من طريق واحد ويرجعون من طريق واحد، بل يختلفون، يمكن الطريق الذي خرجت منه أنت يكون مرجعا لغيرك، وبالعكس، فيكثر المسلمون في الأسواق فيكون في ذلك إغاظة للمنافقين.

وقيل: إنه يفعل ذلك لأجل أن يتفقد أحوال الفقراء في كل سوق؛ لأن من عادة الرسول - عليه الصلاة والسلام - تفقد أصحابه تخوفًا من أن يكون في هذه السوق فقير جاء من الطريق الآخر ليواسيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>